إبعاد الشريعة عن الشعبوية الشنيعة
د. غازي الذنيبات
15-04-2025 10:40 AM
تنص المادة الرابعة من مشروع قانون اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة في الفقرة أ على انه ( تهدف اللجنة الى تعزيز حقوق المرأة التي كفلها الدستور… ).
بينما تنص الفقرة ب من ذات المادة ٤ على انه : ( تتولى اللجنة في سبيل تحقيق أهدافها المهام والصلاحيات التالية….) .
اقترحت اللجنة القانونية في مجلس النواب إضافة عبارة ( مع مراعاة أحكام الشريعة الإسلامية ومبادئ المجتمع وقيمه ) إلى مطلع هذه الفقرة.
وهنا لا بد من التوقف مليا أمام النص الأصلي، والمقترح ، والجانب الإجرائي. في المحطات التالية:
١. ان نص المادة الرابعة الذي دار حوله الجدل في مشروع القانون بمجمله هو نص عام تنظيمي اداري توجيهي مرن ، يهدف الى تحديد مهام اللجنة الوطنية من الناحية الادارية البحتة، وهو لا يتدخل في المسائل التي تنظم شؤون الأسرة والمجتمع، ولا يرتب احكاما فردية او تربوية او اخلاقية.
٢. الاصل العام ان كل قانون يصدر يلزم ان يكون متوافقا مع الدستور، والدستور الأردني ينص في المادة الثانية صراحة على ان : (الإسلام دين الدولة)، وان (الأسرة أساس المجتمع قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن, يحفظ القانون كيانها الشرعي ويقوي أواصرها وقيمها) (المادة السادسة/فقرة ٤ من الدستور ).
٢. الاصل العام ان كل قانون يصدر يلزم ان يكون متوافقا مع الدستور، والدستور الأردني ينص في المادة الثانية صراحة على ان :( الإسلام دين الدولة)، وان (الأسرة أساس المجتمع قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن, يحفظ القانون كيانها الشرعي ويقوي أواصرها وقيمها) (م٦/ فقرة٤ من الدستور)، وبالتالي فان فان الزج بعبارة (الشريعة الإسلامية) هو تزيد ولغو لا مبرر له ونعلم ان من المستقر أن المشرع لا يلغو.
٣. إذا كان دين الدولة الأردنية هو الاسلام، والدولة الأردنية بالمفهوم السياسي هي دولة إسلامية ، إلا أنه وبصريح العبارة نقول أن الدولة الأردنية مثلها مثل كل الدول الإسلامية، ليست دولة دينية بالمفهوم والمعايير الشمولية التي يقول بها البعض، فمثلنا مثل كل هذا العالم من حولنا، لا نطبق عقوبات الحدود ، ولا نفرض أحكام الشريعة الغراء التي نجل ونحترم على كل شؤون حياتنا مثلنا مثل كثير من الدول التي تقول بتطبيق الشريعة.
٤. ان الاستعانة بدائرة قاضي القضاة، ودائرة الافتاء في مسألة تشريعية غايتها تنظيم عمل لجنة المرأة، والزج بالدائرتين الجليلتين في عضوية اللجنة ينطوي على شبهة مخالفة دستورية لمبدأ الفصل بين السلطات، وسابقة غير محمودة لأسباب لا نريد الخوض بها.
ختاما فإن اضافة مصطلح الشريعة الاسلامية الى نص المادة مدار الحديث ،لا يقدم ولا يؤخر، ولا يضيف جديدا لنص المادة القانونية طلما هي تستظل بالدستور ونصوصه الصريحة الجلية، واذا كان يحمد لمجلس النواب الموقر العدول عن قرار اللحنة، وترشيد النص وتصويبه، فإن محاولة البعض استثارة الشارع البسيط المتدين بطبعه واستثمار عواطف الناس وإيهامهم أن إضافة هذه العبارة سيكون طريقنا للإصلاح والصلاح والتحرير لا يعدو أن يكون نوعا من الهيلمة المدروسة، والضحك على ذقون الناس …
والله غالب على أمره