في السادس عشر من نيسان من كل عام، يُطلّ علينا يومٌ ترتفع فيه الرايات لا بفعل الرياح، بل بأرواح الأوفياء وسواعد الأحرار وقلوبٍ تنبض بحب الوطن. إنه يوم العلم الأردني، يوم نُجدد فيه العهد، ونغرس في الأجيال معاني الانتماء والكرامة والولاء الخالص لتراب هذا الوطن الطهور. نُحيي فيه حكاية نضالٍ طويل، وحلم أمةٍ آمنت أن عزّتها في وحدتها، وأملها في أجيالها.
علّموا أبناءكم أن الراية لا تُرفع بالجنسية وحدها، بل تُرفع بالأفعال الصادقة، والعطاء الذي لا ينتظر المقابل. علّموهم أن العلم لا يسمو لأنه يُرفع بالأيدي، بل لأنه يحمله شعبٌ لا يعرف العنصرية، ولا يبيع وطنه في سوق المصالح، ولا يتاجر بالولاء. علّموهم أن الأوطان تُبنى بالتضحية والعمل المخلص الذي يضع الوطن فوق كل اعتبار، وأن العلم الأردني لا مكان له إلا في القمم.
العلم ليس قطعة قماش ترفرف على الأسطح، بل هو قطعة من القلب، من التاريخ، من الذكرى. هو صدى أصوات الشهداء الذين بذلوا أرواحهم في سبيل أن يبقى الأردن حراً عزيزاً.
وكل خفقة له هي خفقة قلب لكل أردني حر.
في هذا اليوم نُعلّي من شأن العلم في نفوسنا، ونجعله مرآةً لما نريد أن نكون. نريد أن نراه في طموحات الشباب، في تفاني المعلمين، في شجاعة الجنود، وفي عرق الفلاحين. العلم يُرفع حين نُخلص في عملنا، ونُعلّي من شأن الوطن على أنفسنا.
علّموا أبناءكم أن يجعلوا من أنفسهم أعلامًا في مجالاتهم المختلفة، فهكذا يرتفع اسم الأردن عاليًا وتظل رايته خفاقة. علّموهم أن الأردن وفلسطين علمان تجمعهما دماء مشتركة وتاريخ واحد، وأن روح النضال فينا لا تنطفئ.
الاحتفال بيوم العلم الأردني ليس طقسًا عابرًا، بل لحظة وعيٍ وتجديد عهد. لحظة نقف فيها أمام ذواتنا ونسألها: ماذا قدمنا لهذا الوطن؟ نرفع وجوهنا نحو السماء، نُقسم أن نبقى الأوفياء، وأن نحافظ على الوطن كما نحافظ على أرواحنا.
العلم مبدأ نحياه، والأمن مسؤولية كل مواطن، يبدأ من الأسرة، من الأم التي تغرس حب الوطن، من الأب الذي يُعلّم الكرامة، من المعلم الذي يفتح العقول، من الطبيب، من الفلاح، من كل من يعمل بإخلاص. الحفاظ على هذا الوطن مسؤولية جماعية تتطلب وعيًا مشتركًا والتزامًا صادقًا.
ونبعث من خلال هذه المناسبة رسالة إلى كل من يظن أنه قادر على النيل من الأردن: هذا الوطن لا يُهزم، وهذه الراية لا تُسقط. الأردن، رغم التحديات، سيبقى واحة أمنٍ واستقرار، وعلمه سيظل مرفوعًا فوق كل منبر، وبين كل الأمم.
يوم العلم هو مناسبة نُحيي فيها مجد الآباء، ونبني فيها طموح الأبناء. نُعلن أن علمنا هو الأعلى، ووطننا هو الأغلى. هذه هي رسالتنا، رسالة شعب لا يعرف التراجع ولا يساوم على كرامته. ستظل الراية عالية، وسيظل الأردن في قلوبنا، ما حيينا.