facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




قد يُدفَعُ الشَّرُّ بمِثلِه إذا أعياكَ غيرُه


العميد م. ممدوح سليمان العامري
23-04-2025 10:58 AM

في تراث العرب، كثير من الأقوال التي تختصر الحياة بحكمتها وبلاغتها، ومن ذلك ما قالوه: "قد يُدفَعُ الشَّرُّ بمِثلِه إذا أعياكَ غيرُه". وهذه ليست دعوة إلى العنف، بل تعبيرٌ صادق عن أن في بعض المواقف لا يجدي الحلم، ولا تنفع الحكمة، ولا يُجبر الكسر إلا بردعٍ يعيد الأمور إلى نصابها.

كثيرًا ما نحاول مواجهة الأذى بالصبر، والعدوان بالحسنى، ونلوذ بالحكمة كلما اشتدت الأزمات، فذلك خلق كريم، ومبدأ رفيع. لكننا، رغم ذلك، ندرك أن الشرّ حين يُمعن في غيّه، ويتجاوز كل حدود، قد لا يردّه إلا موقفٌ من جنسه، يكون رادعًا لا منتقمًا، وموقفًا لا اندفاعًا، وعدلًا لا تعدّيًا.

الحياة مليئة بلحظات تُختبر فيها القيم، ويُستفزّ فيها الصبر، ويظنّ بعضهم أن الحِلم ضعف، وأن اللين خنوع، وهنا تحديدًا، يُصبح الردّ ضرورة، لا رغبة، ويصبح الحزم من صفات العقلاء، لا المتهورين.

وليس هذا القول إلا تعبيرًا عن ميزان دقيق بين اللين والشدة، وبين الصبر والحزم، وبين محاولة الإصلاح وضرورة الردع. فالطيبة ليست غفلة، والصبر لا يعني القبول بالإهانة، والحكمة لا تعني أن نقف مكتوفي الأيدي أمام الظلم. بل إن العدل أحيانًا يتطلّب أن نُري من يظننا ضعفاء، أن فينا بأسًا لا نستخدمه إلا حين نُضطر.

في السياسة كما في الحياة، هناك لحظات لا ينفع فيها إلا الموقف القوي، لا من باب التصلّب، بل من باب الحفاظ على الكرامة. والسكوت إن طال، قد يفتح شهية الآخرين على مزيد من التغوّل، لذا فإن دفع الشر بمثله، حين تُغلق أبواب التفاهم، قد يكون واجبًا لا خيارًا.

"قد يُدفَعُ الشَّرُّ بمِثلِه إذا أعياكَ غيرُه"، حكمة قديمة، لكنها حيّة، حاضرة، متجددة في تفاصيل يومنا، لا تُغري بالعنف، لكنها تذكّر أن الخير وحده لا يكفي دائمًا إن لم يصحبه قوّة تحفظه، وتحمي من يسيرون فيه. وكلما عرفنا متى نحلم، ومتى نحزم، ومتى نُمسك، ومتى نردّ، كنّا أقرب للعدل، وأحقّ بالاحترام.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :