facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




بيان حماس: مخاطر التوظيف الداخلي


محمد حسن المومني
23-04-2025 06:27 PM

في سياق ملتهب بالغ الحساسية، أصدرت حركة "حماس" بيانًا فاجأ المراقبين علّقت فيه على القضية الأمنية التي أعلنت عنها الدولة ، والمتعلقة بإحباط مخطط إرهابي واعتقال مجموعة متورطة في أعمال تهدد الأمن الوطني الاردني وتحويلهم للقضاء. البيان، الذي جاء بصيغة تضامنية مع المعتقلين، انطوى على أبعاد سياسية تتجاوز الحيثيات، ليمس مفاهيم جوهرية في العلاقة بين الدولة والمقاومة المفترضة لتطرق نطاق السيادة ووتفعل ادوات التعبئة، وهو ما يستدعي قراءة تحليلية فاحصة لمضامينه وانعكاساته على الداخل الأردني.

حين تقدّم "حماس" نفسها كناطق باسم "ضمير الأمة ووجدانها القومي"، وتصدر دعوات للدولة الأردنية بشأن كيفية التعامل مع قضية أمنية داخلية، فإنها بذلك تتجاوز دورها وحدودها ( كمقاومة مفترضة لعدوها على ارضها ) إلى موقع "المرجعية السياسية" العابرة للحدود. هذا التحول الخطابي يثير تساؤلًا جوهريًا: هل يمنح موقف ذلك شرعية التدخل في شؤون الدول الأخرى؟ وإذا كانت "النوايا الطيبة" حسب وصف البيان تبرر القفز على السيادة، فما مصير الدول حين تُستباح قراراتها تحت عباءة "المقاومة" عندما يكون السلاح شرعة لكل وارد !

لقد شكّل البيان مادة خصبة لإعادة تنشيط الخطاب الشعبوي في أوساط التيارات السياسية، خاصة تلك التي تتقاطع أيديولوجيًا مع "حماس". ومن الواضح أن بعض القوى الداخلية ستسعى لاستغلال البيان كأداة تعبئة ضد الدولة، لا بوصفها مؤسسات تحكم بالقانون، بل كخصم سياسي في معركة الهويات والانتماءات، وهو ما يهدد بتأزيم المزاج الشعبي وتسميم المناخ العام بعبارات التخوين والتشكيك.

لا يمكن فصل البيان عن سياقه الزمني والسياسي، خصوصًا في ظل ما تواجهه جماعة الاخوان ( المنحلة ) في الأردن من تراجع شعبي وضغط سياسي متصاعد. وقد يُقرأ البيان كمحاولة ضمنية لرفع الغطاء عن حالة العزلة السياسية والتنظيمية، من خلال إسناد خارجي معنوي يعيد تقديم الحركة الأردنية كجزء من "مشروع مقاوم" واسع، بما يخفف عنها أعباء الانكشاف أمام جمهورها، خاصة بعد تعثر خطابها في مواجهة القضايا الوطنية الكبرى.

أحد أخطر تداعيات البيان، فهو السعي لإنتاج انقسام بين من يثق بالرواية الأمنية للدولة، ومن يفضل تبني سردية (المقاومة) بوصفها متطلب مرحلة . مثل هذا الانقسام يعمّق الاستقطاب داخل المجتمع الأردني، ويقوّض الإجماع الوطني حول مفاهيم الأمن والاستقرار، ويهدد بتحويل النقاش العام من قضية أمنية دقيقة إلى معركة رمزية حول "الشرعية الأخلاقية"، حيث تُوظّف القضية لغايات لا تمت بصلة إلى جوهرها.

إنّ دعم الأشقاء الفلسطينيين واجب قومي وأخلاقي لا يختزل في فصيل ولا يمكن لهذا الواجب أن يتحوّل إلى وسيلة لإعادة تعريف علاقة الحركات بالدول. فكما تطالب "حماس" العالم باحترام (مقاومتها) كحق مشروع، عليها بالمقابل احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها. فالمساس بمرجعيات الدول بدعوى دعم المقاومة لا يخدم فلسطين، بل يُضعف الأمة ويهدد بنسف الاصطفاف الحقيقي الذي تحتاجه القضية.

بيان "حماس" الأخير شاهد على إشكالية الخطاب العابر للحدود حين يُفرط في التماهي بين ما هو وطني وما هو أممي، دون اعتبار لتوازنات الداخل وضرورات الدول اما الدفاع عن القضايا العادلة لا يكون ابداً بهذه الطريقة .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :