facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




القضية الكردية: إلى أين؟!


أ.د أحمد بطَّاح
15-05-2025 02:00 PM

قد لا يكون من المبالغة القول بأنّ "الأكراد" هم أكثر الأمم معاناةً من "لعنة الجغرافيا" فقد تم توزيعهم بين أربع دول هي: تركيا، وسوريا، والعراق، وإيران، وحيث أنّ الشعب الكردي هو أحد الشعوب الأربعة الكبيرة التي سكنت هذه المنطقة تاريخياً، بالإضافة إلى العرب، والأتراك، والفُرس، فقد كانوا هم فقط الذين لم يظفروا بدولة بعد انهيار الدولة العثمانية إثر الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918) أو حتى بعد الحرب العالمية الثانية (1939 – 1945). 

وكردة فعل من قبل الأكراد على هذا الواقع، فقد بدأوا حركات مسلحة في البلدان الأربعة الآنفة الذكر منذ وقت طويل ففي العراق مثلاً بدأوا في عام 1922 أيّ بعد نشأة الدولة العراقية الحديثة في عام 1921 بعام واحد، وقد اكتسبت حركتهم زخماً بعد عام 1961 بزعامة "مصطفى البرزاني" والتي انتهت باتفاقية حكم ذاتي في عام 1970، ولكنها ما لبثت أن استؤنفت في عام 1974، واستمرت بشكل أو بآخر حتى الغزو الأميركي في عام 2003، حيث تمخضت الأوضاع الجديدة عن نشأة "إقليم كردستان" ذي الحكم الذاتي ضمن الدولة العراقية. 

وعلى الحدود الإيرانية مع الدول المجاورة حاول الأكراد إنشاء دولة كردية هي جمهورية "مها باد" في عام 1946 ولكن إيران قضت على الدولة الوليدة بعد (11) شهراً فقط، ومنذ ذلك الوقت لم تتبلور أية حركات مسلحة كردية مهمة في إيران. 

وفي تركيا، حيث يعيش أكثر من 20 مليون كردي (ربع السكان تقريباً) تفجر الكفاح الكردي رسميا على يد حزب العمال الكردستاني (P.K.K) بزعامة عبد الله أوجلان (في عام 1982)، وقد استمر في مواجهة شرسة مع الجيش التركي حتى قبل شهرين من الآن حيث طالب زعيمه بحل الحزب وإلقاء السلاح وهو ما حصل فعلاً قبل أيام. 

وفي سوريا، استغل الأكراد وبدعم أميركي واضح ضعف الحكومة المركزية في دمشق، وأعلنوا ما أسموه "بالإدارة الذاتية" في شمال وشمال شرق سوريا مع ذراع مسلح لها هي قوات سوريا الديمقراطية"، ورغم أن قائد هذه القوات (قسد) "مظلوم عبدي" وقع اتفاقا مع الرئيس السوري الانتقالي "أحمد الشرع" للاندماج في الدولة السورية، فإنّ المؤتمر الأخير للأكراد السوريين عبر عن رغبة. في استمرار "الإدارة الذاتية" الكردية مستبعداً فكرة الانفصال عن الدولة السورية. 

إنّ الحدث الأبرز الذي يشكل انعطافه في التاريخ الكردي الحديث هو حل "حزب العمال الكردستاني" لنفسه وإلقاء السلاح الأمر الذي جاء نتيجة لعدد هام من المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية التي يشهدها العالم، ولعلّ أهمها: 

أولاً: فقدان الحلفاء الأقوياء الذين يمكن أن يدعموا المطالب الكردية فالولايات المتحدة وكثير من الدول الغربية تصنف هذا الحزب على أنه حركة "إرهابية"، ولعلّ بروز حركات "إرهابية" خطيرة في المنطقة، جعل العالم أقل تسامحاً مع الحركات الثورية المسلحة المعادية للدول والحكومات. إن هذا بالقطع شكل بيئة غير مواتية للحزب بل وضعه في عزلة جيوسياسية في الواقع. 

ثانياً: تطور "النظرة الكردية" إلى "القضية الكردية" وكيفية تحقيق "الحلم الكردي" وذلك من دولة مستقلة قائمة بذاتها، إلى نوع من "الإدارة الذاتية" ضمن الدول القائمة والتي تحصل بموجبها على ما يعتبر أهم "حقوق" الشعب الكردي وسبل تحقيقه لذاته، والواقع أن هذا التطور لم يكن على صعيد الحركات والأحزاب المؤدلجة فقط كحزب العمال الكردستاني، بل على صعيد النخب والشرائح الشعبية الكردية في الدول المعنية، والتي أصبحت تميل إلى "النضال السلمي" وتحقيق ما يمكن تحقيقه في ظل الأوضاع القائمة، ولعلّ هذا تبلور على شكل أحزاب تأخذ بهذا الطرح كحزب " الشعوب الديمقراطي" (HDJ) في تركيا، والحزب الديمقراطي الكردستاني في العراق، وأمثالهما في إيران وسوريا. 

إن الحقائق واضحة الآن فيما يتعلق "بالقضية الكردية"، حيث من المُحال في ظل توازنات القوى والظروف المحلية، والإقليمية والدولية إقامة دولة كردية واحدة تجمع الأكراد في الدول التي يتواجدون فيها بأعداد وازنة (تركيا، العراق، سوريا، إيران)، ولذا، فإنّ السبيل الوحيد المتاح، والذي بُدء به في الواقع هو أن يتوجه الأكراد إلى العمل السياسي السلمي، مطالبين بحقوقهم كمواطنين، وبإمكانية التعبير عن خصوصياتهم الأساسية التي تعبّر عن هويتهم وتميزهم عن غيرهم من الشعوب والأمم. 

ولكي نكون واقعيين ومنصفين فإنّ نجاح هذا التحول المهم (ليس للأكراد فقط، بل لشعوب الدول التي يعيشون فيها) يعتمد على الأنظمة السياسية في هذه الدول، فما لم تكن هذه الأنظمة ديمقراطية، ومتسامحة، وتترك مساحة معقولة كي يعبّر الأكراد عن هويتهم الذاتية وخصوصياتهم الثقافية ضمن الأطر السياسية القائمة، فإن من المتوقع أن تتولّد حركات كردية مسلحة جديدة لا تؤمن إلا بالقوة، لتحقيق المطالب، ولعلّ ما يسهل نجاح هذا التحول أن الأكراد في غالبيتهم مسلمون، وقد عاشوا في هذه البلدان لمئات السنين متكيفين مع شعوبها بل وفعالين في حياتها السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية. 





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :