البطء في تنفيذ مسارات التحول الطاقوي
د. م. محمد الدباس
18-05-2025 07:00 AM
محلياً يعكس تبني الأردن لمسارات طاقوية متنوعة منها الغاز الطبيعي والهيدروجين بأنه نهج مرن وعملي في التحول الطاقوي، مستنداً إلى دراسات دولية وتجارب ناجحة في مدن مثل: داكار وبوغوتا والقاهرة، والتي أشار إليها تقرير البنك الدولي الصادر في 29 نيسان من هذا العام كمثال على قدرة النقل النظيف على تحفيز النمو الحضري الشامل.
كما لا يخفى على أحد بأنه وفي ظل التحديات البيئية والاقتصادية المتنامية، فإننا نتجه في الأردن نحو تبني منظومة نقل مستدامة متعددة المسارات، تشمل استخدام المركبات الكهربائية، والغاز الطبيعي المضغوط، والهيدروجين الأخضر كبدائل استراتيجية للوقود التقليدي. ويأتي هذا التوجه في إطار الرؤية الوطنية لتعزيز الاستقلالية الطاقوية وتحسين جودة الهواء، وخلق فرص اقتصادية خضراء.
وللعلم فإن هذا التوجه يتماشى مع ما جاء في تقرير البنك الدولي المشار له في أعلاه تحت عنوان "المركبات الكهربائية تدعم مدن المستقبل: مركبات الوقود البديل يمكنها تحفيز النمو وزيادة الوظائف"، والذي أكد أن التحول إلى الوقود النظيف في النقل الحضري يخلق وظائف جديدة، ويعزز القدرة التصنيعية، ويحسن من نوعية الحياة في المدن النامية. حيث أطلقت أمانة عمّان الكبرى مشروع الحافلات الترددية السريعة (BRT)، والتي تسعى حالياً إلى دمج (حافلات كهربائية) ضمن النظام، مما يعزز من جهود تقليل انبعاثات الكربون وتحسين جودة الهواء. وتشير أرقام هيئة تنظيم قطاع النقل إلى وجود أكثر من 35,000 مركبة كهربائية في الأردن حتى منتصف 2024، ما يعكس تنامي الوعي المجتمعي بوسائل النقل النظيفة.
هذا الموضوع (المتسارع عالمياً) ساقنا الى (التوجه) في استخدام الغاز الطبيعي كخيار انتقالي منخفض التكلفة في قطاع النقل، حيث واصلت وزارة الطاقة وهيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن الى تنفيذ خطة لتحفيز استخدام الغاز الطبيعي المضغوط (CNG) في الحافلات وسيارات الأجرة، بهدف تقليل كلفة التشغيل بنسبة تصل إلى 40% مقارنة بالديزل، وتقليص الانبعاثات بنسبة تصل إلى 30%.
ولكن ماذا عن الهيدروجين الأخضر والاستثمار فيه للمستقبل؟ فمع أن الأردن قد أطلق قبل عامين تقريباً "الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين"، مستفيداً من وفرة مصادر الطاقة المتجددة لتطوير الهيدروجين الأخضر كمصدر وقود للمركبات، ووقعت الوزارة عدة مذكرات تفاهم بالخصوص إلا أن الإعتقاد بات واضح بأن هذا الملف وغيره تسير ببطء بالرغم من أنها تُمثّل ركيزة لمستقبل مستدام يعزز من تنافسية الأردن في مجال الطاقة والنقل.
خلاصة القول؛ فإنه وبالرغم من كافة الجهود المحلية المعنية بالتحول نحو مسارات الطاقة الخضراء المتعددة، إلا أننا وكما يبدو فإننا نمضي (ببطء) نحو بناء منظومة نقل حضري وطاقوي مستدام، تجمع بين الإبتكار والجدوى الإقتصادية والمسؤولية البيئية، وتقع فيهما المسؤولية لتسريع ذاك التحول بالدرجة (الأولى) على وزارة الطاقة وكافة أجهزتها التنفيذية.