بعد 113 عامًا .. التكنولوجيا تبرئ "الضابط المتهم" في تايتانيك
19-05-2025 09:45 AM
عمون-لطالما رسمت السينما صورة قاتمة للضابط الأول ويليام مردوخ في فيلم "تايتانيك" الشهير، حيث صُوّر كشخصية مضطربة تطلق النار على الركاب ثم تنتحر، ما جعله يبدو في نظر الملايين "قاتلًا جبانًا". لكن بعد أكثر من قرن على غرق السفينة الأسطورية، كشفت التكنولوجيا الحديثة حقيقة مغايرة تمامًا.
في الذكرى الـ113 للكارثة، كشفت تحقيقات رقمية حديثة أن مردوخ، الذي كان يخدم على الجانب الأيمن من السفينة ليلة الاصطدام بالجبل الجليدي في 14 أبريل 1912، لم يكن الجاني كما صوّرته الرواية السينمائية، بل كان بطلاً بذل كل ما في وسعه لإنقاذ الأرواح.
مردوخ.. من المتهم إلى البطل
رغم روايات بعض الشهود عن رجل يعتقد أنه مردوخ أطلق النار على الركاب، إلا أن زملاءه في الطاقم وأفراد عائلته دافعوا عنه لسنوات، مؤكدين أنه أنقذ حياة العشرات. واليوم، تعزز التكنولوجيا روايتهم.
أظهرت نتائج أبحاث حديثة أجراها فريق من الخبراء باستخدام تقنية المسح ثلاثي الأبعاد للسفينة، أن الضابط مردوخ كان يحاول إنزال آخر قارب نجاة عندما جرفته الأمواج في الساعات الأولى من صباح 15 أبريل، ولقي حتفه أثناء أداء واجبه.
وكشفت الصور الرقمية أن رافعة القوارب في موقع مردوخ كانت في وضع الإنزال لحظة غرق السفينة، مما يشير إلى أنه كان يجهز لإنقاذ المزيد من الركاب حتى اللحظة الأخيرة.
بطولة مغفلة
ولد مردوخ في اسكتلندا عام 1873، وكان بحارًا متمرسًا يتمتع بـ16 عامًا من الخبرة. وخلال كارثة تايتانيك، أنقذ 11 قارب نجاة حَملوا 436 شخصًا، أي ما يعادل نحو 75% من الناجين.
كما كشف الضابط الثاني تشارلز لايتولر – أعلى رتبة نجت من الكارثة – أن مردوخ جرفه الماء قبل أن يتمكن من إكمال إنزال أحد القوارب، نافياً أي سلوك عدائي نُسب إليه لاحقًا.
فيلم وثائقي يعيد كتابة القصة
في الوثائقي الجديد "تايتانيك: البعثة الرقمية"، يؤكد المؤرخون أن مردوخ اعتمد نهجًا مرنًا في عمليات الإجلاء، حيث سمح للرجال بالصعود إلى القوارب عندما لم تكن هناك نساء أو أطفال ينتظرون، وهو قرار أنقذ العديد من الأرواح الإضافية.
استند الوثائقي إلى نموذج ثلاثي الأبعاد دقيق للغاية أنشأته شركة "ماجلان" باستخدام أكثر من 715 ألف صورة وملايين القياسات بالليزر، ما أتاح للمؤرخين والمهندسين وخبراء الطب الشرعي إعادة بناء تفاصيل اللحظات الأخيرة من المأساة بدقة غير مسبوقة.
أبطال في الظل
لم تقتصر البطولة على مردوخ وحده، إذ يسلّط الوثائقي الضوء أيضًا على تضحيات عمال المحركات والغلايات الذين بقوا في أسفل السفينة، مدركين أن بقاءهم يعني موتهم، لكنهم اختاروا ذلك لضمان استمرار عمل الأنظمة التي ساعدت في إنقاذ الآخرين.
رد اعتبار بعد قرن من الاتهام
بفضل التقدم التكنولوجي والتحقيقات الدقيقة، بات من الممكن اليوم إنصاف الضابط ويليام مردوخ، الذي ظُلم طويلًا في الثقافة الشعبية. لم يكن جبانًا ولا قاتلًا، بل ضابطًا شجاعًا قاتل حتى اللحظة الأخيرة لإنقاذ الأرواح وسط واحدة من أعظم الكوارث البحرية في التاريخ.
روسيا اليوم