الملخص: يواجه الأردن تحديات كبيرة بسبب شُح موارده الطبيعية ، خصوصًا في مجالي المياه والطاقة ، ورغم هذه التحديات البنيوية ، نجح الاردن في تحويل المعيقات إلى فرص من خلال الاستثمار في الموارد البشرية ، وتبني مشاريع الطاقة المتجددة ، والمشاريع الاستراتيجية الكبرى ، و تهدف هذه الورقة إلى تحليل العلاقة بين ندرة الموارد وتحقيق الاستقلال الاقتصادي والسياسي في الأردن، مع تسليط الضوء على استراتيجيات الدولة في إدارة هذه الندرة وتحويلها إلى فرص تنموية مستدامة.

مقدمة : تُعد الموارد الطبيعية من أهم العوامل المؤثرة في قدرة الدول على تحقيق الاستقلال والتنمية المستدامة ، وفي حالة الدول النامية ، تُشكل ندرة الموارد تحديًا كبيرًا قد يُقيد خياراتها الاستراتيجية ، و الأردن يُعد نموذجًا واضحًا لدولة تعاني من شُح الموارد، لكنه في ذات الوقت تمكن من الحفاظ على استقراره السياسي ، وتطوير بنيته الاقتصادية بشكل متدرج ، مما يستدعي دراسة هذه التجربة الفريدة.

أولًا: التحديات الناتجة عن ندرة الموارد في الأردن
1/ شح المياه:
يُصنف الأردن ضمن أفقر خمس دول مائيًا في العالم ، حيث لا يتجاوز نصيب الفرد من المياه 100 متر مكعب سنويًا ، وهو ما يقل بكثير عن خط الفقر المائي العالمي البالغ 500 متر مكعب (UN Jordan, 2023).
2 / الاعتماد على الطاقة المستوردة:
يعتمد الأردن على استيراد أكثر من 90% من احتياجاته من الطاقة، مما يجعله عرضة لتقلبات أسعار السوق العالمية، ويؤثر على استقراره المالي (Wikipedia, 2025)..
3/ الضغوط الديموغرافية:
أسهمت الهجرات القسرية، وخاصة من دول الجوار كالعراق وسوريا، في زيادة الضغط على الموارد والخدمات، وأثرت على البنية التحتية بشكل كبير (Vision of Humanity, 2020).

ثانيًا: السياسات والاستراتيجيات الأردنية في مواجهة التحديات

1 / مشروعات تحلية المياه:
أطلق الأردن مشروع "الناقل الوطني" لتحلية مياه البحر الأحمر ونقلها إلى العاصمة والمناطق الداخلية، في خطوة استراتيجية لتعزيز الأمن المائي (Wikipedia, 2025).
2/ التوسع في الطاقة المتجددة:
استثمر الأردن بشكل مكثف في مشاريع الطاقة الشمسية والرياح، لتأمين جزء كبير من احتياجاته المحلية وخفض فاتورة الاستيراد. بلغت نسبة الطاقة المتجددة أكثر من 20% من إجمالي الإنتاج الكهربائي (Economy of Jordan, 2025)3
3 / الاستثمار في التعليم ورأس المال البشري:
اعتمد الأردن على العنصر البشري كأحد أهم الموارد البديلة، فاستثمر في التعليم والتدريب، ما ساهم في بناء اقتصاد خدماتي يعتمد على الكفاءات المحلية، خاصة في قطاعات مثل الصحة، التعليم، وتكنولوجيا المعلومات (Jordan Times, 2023).

وفي الختام تشكل تجربة الأردن مثالًا بارزًا على كيفية تعامل الدول النامية مع ندرة الموارد، ليس فقط كعائق، بل كمحفّز للتخطيط الاستراتيجي والابتكار ، وإن التحول نحو الطاقة المتجددة ، وتحسين إدارة المياه ، والاستثمار في الإنسان، ساهم في تعزيز استقلال الأردن اقتصاديًا وسياسيًا رغم البيئة الصعبة التي يعمل فيها، و يعود ذلك للطبيعة البنيوية للانسان الاردني فكريا وثقافيا و التفافهم حول قيادتهم الهاشمة الحكيمة .

حمى الله بلادنا من كل سوء .