facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




وسط لهيب الصراعات .. هل يُنجَب المشروع العربي ؟


محمد حسن المومني
27-05-2025 10:15 PM

من الخطأ الاعتقاد بأننا نقترب من نهاية وشيكة للصراع في الشرق الأوسط، فالسياقات السياسية والاقتصادية الدولية لا تزال تعمل –بشكل مباشر أو غير مباشر– على تغذية بؤر التوتر في المنطقة، التي تحولت منذ عقود إلى ساحة لصراع المشاريع المتضاربة، أكثرها يقوم على أسس أيديولوجية متنافرة.

ورغم أن الحرب المشتعلة في غزة قد تفضي إلى تسوية سياسية مؤقتة، ينتج عنها وقف لإطلاق النار أو ربما تفكك الائتلاف الحاكم في إسرائيل وانتهاء حكم حماس في القطاع، فإن هذه السيناريوهات لا تعني بالضرورة سقوط المشروع اليميني في إسرائيل، ولا تمثل قطيعة مع فكرة المقاومة. فالعقل الاستراتيجي المهيمن على إدارة الملفات الدولية لا يبحث عن إنهاء الصراعات بقدر ما يسعى إلى إدارتها ضمن حدود السيطرة والاحتواء.

هذا النمط من إدارة الأزمات يراكم مشاعر الظلم لدى شعوب المنطقة، ويؤسس لثقافة الإحباط وعدم الثقة. كما أن السياسات الاقتصادية الليبرالية التي فرضت على كثير من الدول، ورافقتها موجات خصخصة وتهميش للطبقات الوسطى والفقيرة، قد أسهمت بدورها في إعادة إنتاج الحركات الأيديولوجية، ولكن بأشكال جديدة ومضامين متغيرة، تعكس فشل المنظومات الاقتصادية في تحقيق الحد الأدنى من العدالة الاجتماعية.

في خضم هذا المشهد المأزوم، تبرز الحاجة إلى مشروع عربي عربي يعيد ترتيب الأولويات، ويعيد الاعتبار لمفهوم السيادة والتكامل الإقليمي. هذا المشروع لا يفترض أن يكون مشروعًا أيديولوجيًا جديدًا، بل إطارًا تنسيقيًا يعيد توظيف الإمكانات العربية في خدمة المصالح المشتركة، من خلال تفعيل مؤسسات العمل العربي، وتجاوز منطق الصراع البيني، وبناء شراكات في قطاعات حيوية كالأمن الغذائي، والطاقة، والتعليم، والبحث العلمي.

ورغم الهيمنة الظاهرة للسياسات الاقتصادية الليبرالية، فإن المشروع العربي لا يجب أن يتصادم بالضرورة مع تلك السياسات، بل يمكن أن يسعى إلى تكييفها بما يخدم العدالة الاجتماعية ويحمي القرار السيادي. المطلوب ليس الانغلاق الاقتصادي، بل بناء منظومات إنتاجية وطنية تضمن التوازن بين الانفتاح والأسواق الحرة من جهة، والتماسك الاجتماعي والعدالة من جهة أخرى. فالنماذج التنموية الناجحة ليست تلك التي تقلد وصفات الخارج، بل التي تعيد بناء أولوياتها انطلاقًا من فهم خصوصياتها الاجتماعية والثقافية.

وفي ضوء هذه المعطيات، يبدو أن المستقبل القريب لن يشهد نهاية للصراع، بل إعادة تشكيل له. إذ يتوقع استمرار حالة اللااستقرار، مع تغييرات في الوجوه والأدوات، دون أن تلامس الحلول المطروحة جوهر المشكلة. وسنظل نشهد صعود فاعلين جدد، يتغذون على السخط الشعبي، ويقدّمون أنفسهم كبدائل في ظل تآكل شرعية النخب التقليدية.

وفي غياب مشروع عربي جامع قادر على تحويل الفوضى إلى فرص، سيبقى الشرق الأوسط رهينة تسويات هشة، تكرس الأمر الواقع بدل تغييره، وتستهلك ما تبقى من الأمل في التغيير الجذري.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :