facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ماذا تريد الولايات المتحدة من سوريا؟!


أ.د أحمد بطَّاح
04-06-2025 12:53 PM

إنّ مما لا شك فيه أن رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا كان حَدثاً مهماً بالنسبة لسوريا إذْ كان من المتوقع أنّ بقاء هذه العقوبات سوف يشلّ الاقتصاد السوري، ويُفْشل الإدارة السورية الجديدة، ولذا فقد كان هناك فرحة غامرة، ليس فقط لدى الحكومة السورية بل ولدى الشعب السوري بشكل عام عند إعلان رفع العقوبات، ولا يَخْفى على أحد أن رفع العقوبات هذا سوف ينعكس حُكْماً على العلاقات الاقتصادية بين سوريا ودول الجوار وذلك لما للوضع "الجيوسياسي" السوري من أهمية إقليمياً وعالمياً.

ولكن ومن الناحية الأخرى (أيّ الأمريكية) ماذا تريد الولايات المتحدة من سوريا؟ إنّ من المؤكد أنّ لها أهدافاً عديدة. عبّرت عن بعضها بصراحة ولم تُعبّر عن أخرى بذات الوضوح، ولذا فإنّ من الأهمية بمكان أن نستشف هذه الأهداف، ولعلّ أهمها:

أولاً: المساهمة القوية في برامج الإعمار السورية المستقبلية، وإذا تذكرنا أن سوريا تحتاج إلى ما يُقدّر بـ (400) مليار لإعمارها، فإننا يمكن أن نتصور حجم الأرباح التي سوف يجنيها المستثمرون والشركات الأمريكية إذا ما كان لها الأفضلية في تنفيذ هذه البرامج.

ثانياً: الاطمئنان على وضع الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة في المنطقة وهو "إسرائيل" في ضوء المتغيرات المستجدة في سوريا، ولعلّنا يجب ألا نستغرب إذا ما حاولت الولايات المتحدة "جرّ" سوريا بأسلوب "العصا والجزرة" للانضمام إلى "الاتفاقيات الإبراهيمية" التطبيعية بين بعض الدول العربية وإسرائيل، أو على الأقل توقيع معاهدة "عدم اعتداء" بين سوريا وإسرائيل، مع العودة إلى اتفاقية فصل القوات المُوقّعة بينهما في عام 1974، ومع ابقاء وضع الجولان السوري المحتل على ما هو عليه.

ثالثاً: ضمان عدم اصطدام حليفي الولايات المتحدة الإقليميين تركيا وإسرائيل في سوريا إذْ إن الولايات المتحدة تُدرك أنّ تركيا لها اليد الطولى في سوريا، وهي تدرك في ذات الوقت "تخوفات" إسرائيل، من "التمدّد" التركي، ولذا فهي تسعى جاهدة لتكريس نوع من التفاهم بينهما بما يضمن تحقيق أهم أهداف الطرفين وتجنب الوصول إلى حالة المواجهة.

رابعاً: ملاحقة فلول "تنظيم الدولة" من خلال الإبقاء على دعم قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وتقوية النظام السوري الجديد، بما يضمن عدم السماح "لتنظيم الدولة" أو لغيره من التنظيمات المماثلة من الظهور من جديد، ولعلّ هذا الموضوع بالذات هو "عقدة" الموضوع السوري بالنسبة للولايات المتحدة فدعمها للأكراد يحقق لها ملاحقة "تنظيم الدولة" ولكنه (أيّ دعم الأكراد) يمس باستقلالية وسيادة النظام السوري الجديد (لكون هناك إدارة ذاتية كردية لها ذراع مسلح وهو قوات سوريا الديمقراطية)، كما أنه يستثير تركيا (عضو حلف الأطلسي، وصاحبة ثاني أكبر جيش فيه) لأنها تعتبر قوات "قسد" امتداداً لحزب العمال الكردستاني (P.K.K) وبخاصة أن هذا الأخير أعلن "حلّ" نفسه رسمياً وإلقاء السلاح، وبعبارة مختصرة فإنّ المطلوب من الولايات المتحدة، فيما يتعلق بهذا الموضوع أن ترضي الأطراف ذات الأهداف المتضادة: تركيا، والأكراد، والنظام السوري الجديد.

خامساً: إنهاء الوجود الروسي في سوريا والمتمثل في قاعدة "طرطوس" البحرية (الوحيدة لروسيا على المياه الدافئة) وقاعدة "حميميم" الجوية. صحيح، أنّ هذا قد لا يكون مُلحّاً من وجهة النظر الأمريكية، ولكن المؤكد هو أن الولايات المتحدة وبقية دول الغرب تريد أن ترى نهاية للوجود الروسي في سوريا.

إنّ تحقيق هذه الأهداف الأمريكية لن يكون فورياً بالطبع، والولايات المتحدة تدرك قبل غيرها، حساسية الوضع السوري وحاجة القيادة الجديدة إلى عمل الكثير لكي تُنهض البلاد مما وقعت فيه بسبب الحرب الأهلية المُدمّرة التي عاشتها بين عامي 2011 و2025، وبسبب شراسة النظام السوري السابق واستبداده، ولعلّ مما يسهل الأمور على سوريا في هذه الآونة، أنها بحاجة ماسة إلى "الإعمار"، وبحاجة ماسة إلى السلام و"مهادنة" الجميع من أجل تحقيق التنمية المُلحّة، وغني عن القول أنها بحاجة إلى أن "تحلّ" مشكلاتها الداخلية مع "الأكراد" وغيرهم من "المكونات" التي ربما تطمح إلى الانفصال، أو على الأقل "الإدارة الذاتية".

إنّ استقراءً متمعناً للأهداف الأمريكية ولطبيعة الأوضاع والظروف السورية الحالية تشير بأنّ من الممكن التلاقي بين الولايات المتحدة وسوريا بل والتفاهم حول المصالح المشتركة بين الطرفين وبخاصة أن سوريا ليس لها بدائل في الوقت الراهن فقد جربت روسيا سابقاً ولم تكن تجربتها معها سعيدة، وليس هناك دول كبرى أخرى للتحالف معها في مواجهة الولايات المتحدة، ولعلّ دراسة أوضاع دول الإقليم (لبنان، الأردن، العراق، إسرائيل) تدعّم هذا التحليل والذي محصلته عدم وجود قوى توازن النفوذ الأمريكي وتقف في وجهه إذا ما أُريد ذلك.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :