facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الملامح الفريدة للحرب الروسية الأوكرانية


أ.د أحمد بطَّاح
12-06-2025 10:02 PM

تتشابه الحروب في أمور كثيرة معروفة، ولكنها تتباين أيضا فيما بينها فلكل منها ملامح وخصائص تُميّزها عن غيرها، وإذا تأملنا في الحرب الطاحنة التي تدور رحاها بين روسيا وأوكرانيا منذ ثلاث سنوات تقريباً فإنّنا نلاحظ أنها تتفرد بعدد من السمات المتميّزة، ولعلّ أهمها:

أولاً: أنها حرب مُسيّرات إلى درجة كبيرة، فلقد لعبت "المُسيّرات" (Drons) دوراً كبيراً فيها ومنذُ أن بدأت، والواقع أنّ هذا متغير جديد في الحروب الحديثة حيث تعوّد العالم على الطائرات المقاتلة والقاذفة التي يقودها البشر، أمّا الطائرات المُسيّرة التي تعمل بالتوجيه الإلكتروني فهي ظاهرة جديدة وحاسمة أحياناً في نتائج الحروب، كما حصل في الحرب التي وقعت بين أذربيجان وأرمينيا، حيث حَسَمت المُسيّرات الحرب لصالح الأولى، وغني عن القول أنّ الطائرة المُسيّرة صغيرة الحجم، قليلة الكلفة (بالقياس إلى الطائرة المقاتلة)، ومتعددة الأهداف حيث يمكن أن تكون للاستطلاع أو للقصف. إنّ هذا الدور للمُسيّرات في الحرب الروسية الأوكرانية لا يعني مطلقاً أنها كانت الوحيدة في الميدان فلقد كانت هناك الطائرات المقاتلة، والصواريخ الباليستية، والصواريخ المجنّحة، والمدفعية، والدبابات وغيرها، ولكن المقصود بالضبط أنّ المُسيّرات لعبت دوراً مهماً في هذه الحرب وبالذات في جانب أوكرانيا التي تستعيض بها فعلياً عن الطائرات المقاتلة التي لا تتوفر لديها بأعداد كافية.

ثانياً: إنها حرب "استخبارية" حيث لعبت فيها الأجهزة الاستخبارية دوراً مهماً وبالذات من جانب أوكرانيا حيث استطاعت هذه الأجهزة وبكفاءَة الوصول إلى القاذفات الاستراتيجية الروسية في العملية الأخيرة التي أسمتها أوكرانيا "شبكة العنكبوت" والواقع أن هذا الهجوم الأوكراني الذي استغرق الإعداد له أكثر من سنة ونصف كما تشير التقارير الموثوقة يُعدّ عملاً استخبارياً مُميّزاً يُسجل لصالح أوكرانيا، حيث استطاعت الإعداد لهذا الهجوم على الأرض الروسية وتحت نظر وأبصار الاستخبارات الروسية، وقد سبق هذه العملية استيلاء أوكرانيا على مقاطعة "كورسك" الروسية (التي استعادتها روسيا مؤخراً) حيث استطاعت أوكرانيا تنفيذ هذا الهجوم المفاجئ بعملية خداع استخبارية ناجحة للاستخبارات الروسية، وقد كانت نتيجته كما هو معروف استيلاء أوكرانيا على مقاطعة "كورسك" الروسية (بمساحة 1000 كم2) لمدة سنة تقريباً. إنّ دور الاستخبارات مهم جداً في الحروب، ولعلّ مما لا شك فيه أنّ أوكرانيا تستعين بالولايات المتحدة ومنظومة حلف الأطلسي (الناتو) للحصول على المعلومات الاستخبارية وتوظيفها.

ثالثاً: إنها حرب أهداف إستراتيجية صعبة التحقيق بالنسبة للطرفين. فبالنسبة لروسيا، وفضلاً عن سيطرتها على شبه جزيرة القرم في عام 2014، فقد استولت على مقاطعات الشرق الأوكراني (الدونباس) الثلاث، ومقاطعة زاباروجيا وضمتها رسمياً إليها، وهي تعلم بأنها لن تتنازل عنها في أية تسوية، أما أوكرانيا، فهي تريد استرجاع هذه الأراضي (20% تقريباً من مساحتها) وتعتبر أن التنازل عنها مسّ بسيادتها على أراضيها، مع أنها تدرك أن هذا الاسترجاع شبه مستحيل في ظل توازن القوى بين الطرفين. إنّ كلاً من روسيا وأوكرانيا تخوضان حرباً عسيرة، فروسيا تدرك أن ضم الأراضي ممنوع من وجهة نظر القانون الدولي، وبخاصة أنها دولة كبرى وعضو دائم في مجلس الأمن الدولي (المسؤول عن تطبيق القانون الدولي)، وأوكرانيا تدرك أن من حقها استعادة أراضيها ولكن هذا غير ممكن على أرض الواقع، وبخاصة أنها هي التي تبنت "تَموضُعاً" استراتيجياً غير واقعي وذلك حين أرادت الانضمام لحلف "الناتو" (الذي يجعل قوات الحلف على حدود روسيا مباشرةً وهو ما ترفضه روسيا قطعاً)، وإلى الاتحاد الأوروبي متجاهلةً حقيقة أنها تجاور دولة عظمى عسكرياً (وهي روسيا التي تملك أكثر من 6000 رأس نووي استراتيجي) وبمساحة تزيد عن 17,000,000 كم2.

رابعاً: أنها حرب تمخضت عن بعض المآلات الاستراتيجية قبل أن تنتهي، والمقصود هنا أن بلدين مهمين انضمّا على أثر نشوبها إلى حلف "الناتو" وهما "فنلندا" (التي تجاور روسيا بحدود طويلة وبقوات عسكرية لا يُستهان بها)، والسويد الدولة الإسكندنافية (القوية)، وإذا تذكرنا أن روسيا دخلت هذه الحرب ضد أوكرانيا بسبب رغبة هذه في الانضمام إلى حلف "الناتو" فإننا نستطيع أن نستنتج ببساطة أن روسيا خسرت استراتيجياً بانضمام هاتين الدولتين إلى حلف "الناتو" قبل أن تنتهي الحرب. لقد أملت روسيا مع نهاية هذه الحرب أن تحول دون انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو (وهو ما يبدو أنه سيتحقق فعلاً)، ولكنها لم تكن ترغب بالقطع في أن ترى دولتين مهمتين، مثل "فنلندا" و"السويد" ينضمان بعد طول حياد إلى حلف الناتو.

إنّ الحرب الروسية الأوكرانية ما زالت تتوالى فصولاً وليس من الممكن أن نتنبأ بنتائجها تماماً منذ الآن، ولكن من غير المبالغة أن نسجل كمراقبين ومحللين، هذه الملامح التي أشرنا إليها متمنين أن تنتهي سريعاً وبما يقلل الخسائر الهائلة التي يتكبدها الطرفان، فلا أحد عاقل يُحب الحرب أو يتمناها ولكنها للأسف حقيقة من حقائق الحياة إذْ لم تستطع البشرية أن تتجنبها منذ وُجِدَ الإنسان على وجه هذه البسيطة! .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :