مبادرة تشكيل لجنة وطنية مركزية لتعزيز الهوية الوطنية
د. مهند صالح الطراونة
23-06-2025 10:56 PM
إن الدستور الأردني بإعتباره القانون الأساسي الأعلى هو الذي ُيرسى القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم في الدولة ويحدد السلطات العامة ويرسم لها وظائفها ويضع الحدود والقيود الضابطة لنشاطها ويقرر الحريات والحقوق العامة،ومبادئ وقيم المواطنه وسيادة القانون،ويكفل التطبيق السليم للقواعد السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية والتنمويه وغيرها من القواعد التي تنظم حياة الأفراد ، وهو ما حرص الدستور الاردني على تقريره بشكل صريح بالنص في المادة (6) البند (7) منه حيث نصت على على أن : " تكفل الدولة تعزيز قيم المواطنة والتسامح وسيادة القانون وتكفل ضمن حدود امكانياتها تمكين الشباب في المساهمة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتنمية قدراتهم ودعم ابداعاتهم وابتكاراتهم" .
ولما كانت مبادئ المواطنة وسيادة القانون ثابت من ثوابت الدولة الأردنية ووجه أصيل للهوية الوطنية لا يجوز التنازل عنه او العبث فيه فإن التطبيق المبتسر لمبادئء الدستور وترك او فهم بعضها على خلاف موضعه أو تجاهل بعضها على حساب الآخر - باعتبار أن نصوص الدستور تقرأ بالتكامل وليس بالتنافر - هو تغير لشكل الهوية الوطنية الاردنية ، بل هو عبث في ثابت من ثوابت الدولة الراسخة ، ومن ذلك إن يؤسس الأفراد أو الأحزاب أفكارهم أو برامجهم على اساس التوسع غير المنضبط في الحريات ، الأمر الذي يخرج هذه الحريات ايا كان نوعها عن غايتها ومضمونها ، ومخالفة لما استقر عليه القضاء الدستوري بأن لا يوجد حق أو حرية عصي عن التقييد الا حق الإنسان في الحياة وحق الإنسان في الصحة ، وما عدا ذلك من حقوق او حريات تمارس وفقا لضوابط الدستور وتخومه ووفقا لفلك المصلحة العامة .
من هذا المنطلق الدستوري تبرز الحاجة الماسة للعمل الجاد والمؤسسي وفق خطة وطنية تعزز الهوية الوطنية كثابت من ثوابت الدولة ، في ظروف أضحى فيه اردننا الغالي واحة أمن وآمان ودوحة هاشمية مستقرة منيعة في وسط اقليم ملتهب ، كما ان فيه ترجمه لتوجيهات سيدي صاحب الجلالة الملك عبدالله بن الحسين المعظم ،وسيدي ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي حفظهما ورعاهم في وضرورة الحفاظ على الثوابت الوطنية، وترسيخ قيم المواطنة، والتمسك بالهوية بما تمثله من قيم وعادات وتقاليد وموروثات، وما تجسده من رؤية حكيمة تقود نحو حاضر اليوم و لبناء مستقبل يلبي الطموحات لتوفير حياة فضلى للاردنيين ويصنع مستقبلا لأبنائنا يعززمن خلاله كافة مضامين هويتنا الاردنية.
ولما كانت الرؤية الملكية السامية تدعو إلى ترجمة الأفكار إلى برامج ومبادرات نوعيه وليس شعارات ،فإن السبيل إلى تعميق الثوابت الأردنية الراسخة، بما فيها الهوية الوطنية لا يمكن أن يتأتى إلا من خلال إيجاد خطة وطنية فاعلة توحد جهود مختلف القطاعات العامة منها والخاصة، بهدف تأطيرها ضمن خطة استراتيجية تهدف إلى تقنين الجهود وقياس أثرها، وأن تتضمن الخطة الوطنية، تحليلاً للتحديات والأهـداف وتأصيلاً للثوابت و للقيم والهوية الاردنية، إضافة إلى تحديد المسـؤولية المشتركة، حيث تشكل هذه الموضوعات الأساس الذي يمكن أن تنطلق منه لإعداد هذه البرامج ، وذلك وفق إطار وطني متكامل تشترك فيه سلطات الدولة،وبالذات السلطة التشريعة ممثلة بمجلسي النواب والأعيان والسلطة التنفيذية ممثلة بالوزارة وإدارات الدولة ، كل حسب إختصاصه.
وهنا أقترح أن تتولى تشكيل لجنة مركزية تتولى مهمة تنسيق هذه المهمة ،وفق خطه وطنية واضحة المعالم تكون ظهيراً لبرامج محددة وهي من باب المثال لا الحصر برامج الإنتماء ، وبرامج الانخراط بالعمل الحزبي الوطني الجاد، أو من خلال حملات العلاقات العامة، الإعلام، المناهج، والمقررات، والتشريعات، والأنظمة، وبحيث تشرف هذه اللجنة على إلى مؤشرات الأداء الوطني التي تهدف إلى قياس التحولات في اتجاهات المواطنين تجاه الانتماء الوطني وقيم المواطنة، بجانب قياس فاعلية تنفيذ هذه المبادرات وتأثيرها مجتمعياً.