حبس المدين يتوافق مع الدستور ولا يتعارض مع العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية
د. مهند صالح الطراونة
27-06-2025 01:39 AM
أثارت قضية حبس المدين بدين مدني الجدل بين مؤيد ومعارض، ومن الواضح أن المشرع الأردني قد غلب رأي المعارضين ، بعد ان دخلت تعديلات قانون التنفيذ حيز التنفذ عادت إلى دائرة الضوء المسألة الجدلية حول شرعية أو عدم شرعية حبس المدين لحمله على الوفاء بديونه.
ودون الدخول بالتفاصيل أن الحجة التي يقدمها المدافعين عن التعديلات واهيه بل ان البعض_ مع التقدير _ خلا حديثه من المنطق القانوني السليم.
ولمزيد من التفصيل بشأن فكرة التعديلات الجديدة التي طرأت على قانون التنفيذ وجد انها تدور في-فلك فكرة رئيسية مفادها " إلغاء حبس المدين " بعد أن كان النص قبل التعديل يجيزها.
واني اذهب الى ماذهب إليه الكثيرين أن حبس المدين بسبب الدين له مايبرره من الناحيه الدستورية والموضوعية وذلك لحماية الدائن من تسلط المدين في حال التعنت
والمماطلة الأمر الذي يشكل بديلا قويا للتنفيذ ووسيلة ذات فعالية إكراها وزجرا لهذا النوع المدينين تجبره على التنفيذ.
واستكمالا للحديث من المهم الاشارة ان العلاقة بين الدائن والمدين قوامها العدالة الاجتماعية وإن اي تشريع يخل بهذا المبدأ فإن ذلك يشكل إخلالا بمباديء اخرى كفلها الدستور كمبدأ المساواة والعدالة وضمانات المحاكمة العادلة ، الأمر الذي يؤكد أن فكرة حبس المدين، تتوافق مع الدستور وما يؤكد السلامة الدستوريةلها ان النص قبل التعديل كان يجيزها ولم يثار بشأنها مخالفات دستورية.
ومن ناحية أخرى جانب البعض الصواب عندما ذكر ان فكرة حبس المدين بسبب الدين تخالف العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ، ولتوضيح هذه المسألة وجد أن نص المادة (11) من ذات العهد الدولي ينص على أن "لا يجوز سجن أي إنسان لمجرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقدي" ويستفاد من ذلك أن العهد الدولي اشترط توافر حالتين:
الأولى: أن يكون الدين ناجماً عن التزام تعاقدي، وبالتالي لا يوجد ما يمنع الحبس عن التعويض عن الديون الناتجة عن الالتزامات غير التعاقدية.
والثانية: أن يكون المدين عاجزاً عن الوفاء بالدين، وليس ممتنعاً عن التسديد رغم قدرته على ذلك سواء جزئياً أو كلياً أو حالاً أو مستقبلاً. ما يعني أن منع الحبس ينحصر في العاجز وليس في المماطل المتعنت، وان القول بأن حبس المدين يخالف العهد يخالف التحليل السليم للنص سالف الذكر .
بقي ان اقول انه على سبيل التشريعات المقارنة وخاصة تشريعات الإقليم وجد انها اخذت بفكرة حبس المدين بسبب الدين ومن ذلك القانون في دولة الإمارات العربية المتحدة ، والقانون في دولة قطر والكويت وسلطنة عمان ،و القانون في جمهورية مصر العربية، وجميع هذه الدول ملتزمه بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وحتى الدول التي ألغت حبس المدين وضعت ضوابط وضمانات كافية كفلت بها ميزان العلاقة بين الدائن والمدين.
خلاصة الحديث ان فكرة حبس المدين بسبب الدين جاءت متوافقة مع الدستور ولا تتعارض مع العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية؛ ومتوافقة مع جميع تشريعات الإقليم.
وأرى ان المشرع_ مع التقدير_ قد كبل قضاء التنفيذ عن استعمال أداة يمكن التلويح بها في مواجهة المدين المتعنت وان التنفيذ سيغدو عسيراً، إن لم يكن متعذراً في ظل التعديلات الجديدة .
وللحديث بقية ....