الجامعات في مرمى مؤشرات غير محكمة
د. جهاد كمال فريج
10-07-2025 12:12 PM
في الأشهر القليلة الماضية، ظهر ما يسمى بـ"مؤشر النزاهة الأكاديمية" (Research Integrity Risk Index – RI²)، الذي اقترحه الدكتور لوكمان ميحو من الجامعة الأميركية في بيروت، بهدف تصنيف الجامعات حسب ما يُفترض أنه مقياس "لمخاطر النزاهة الأكاديمية"، اعتمادًا على معادلة رقمية بسيطة.
المعادلة تعتمد على معيارين فقط: نسبة الأبحاث المسحوبة من إجمالي الإنتاج العلمي، ونسبة الأبحاث المنشورة في مجلات أُزيلت لاحقًا من قواعد بيانات عالمية مثل Scopus. ومن خلال دمج هذين الرقمين، تُمنح الجامعات درجة تقيس "مستوى الخطر" في أدائها الأكاديمي.
رغم الجهد البحثي المبذول، إلا أن خطورة هذا المؤشر تكمن في التبسيط المُخلّ الذي يقدمه، إذ يتجاهل السياقات العلمية، والأخلاقية، والمؤسسية المعقدة التي تحيط بأي منشور علمي. فليس كل سحبٍ لبحث يعني غشًا، ولا كل مجلة حُذفت من قاعدة بيانات تعني أنها كانت غير نزيهة أو احتيالية. بل كثير من المجلات يتم حذفها لأسباب تقنية أو إدارية، لا علاقة لها بالمحتوى العلمي المنشور فيها.
الأدهى أن بعض وسائل الإعلام والأفراد بدأوا يتعاملون مع هذا المؤشر وكأنه مقياس رسمي وحاسم لنزاهة الجامعات، دون إدراك لطبيعته التجريبية وغير المحكمة بعد. وقد يُستخدم – عن قصد أو جهل – كأداة لإلحاق الضرر بسمعة جامعات عربية محترمة، تعمل بجد لتطوير إنتاجها البحثي وتعزيز ثقافة النزاهة ضمن موارد وظروف ليست دائمًا مثالية.
الجامعات ليست أرقامًا في جدول. والنزاهة الأكاديمية لا تُقاس بالحساب فقط، بل تتطلب قراءة نوعية تأخذ بعين الاعتبار منظومة القيم، وجودة الإشراف، والحوكمة الداخلية، ومدى الجهود المبذولة للارتقاء بالبحث العلمي.
لسنا ضد تطوير أدوات قياس موضوعية وشفافة، لكننا نرفض تحويل مؤشرات ناقصة وغير محكمة إلى مرجعيات للتصنيف والتشهير.