facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




النموذج الأردني واستقبال اللاجئين


د. جمال الشلبي
12-07-2025 04:10 PM

في ظل تحول منطقة الشرق الأوسط إلى "مختبر" للحروب بأشكالها وأسلحتها المختلفة، تبرز ظاهرة "اللجوء" كامتداد لحالة الحرب وعدم الاستقرار في هذه المنطقة الاستراتيجية، إذ يعد الأردن من الدول المهمة في فهم "حالة اللجوء" وتقيمها كونها كانت -وما زالت- عرضة للعديد من موجات اللجوء الكبيرة.

ويعد "النموذج الأردني" في التعاطي مع أزمات اللجوء وكأنه مختلف عن الآخرين ما يدفع بطرح العديد من التساؤلات:

- هل لأن الأردن من أكثر الدول العربية استقبالاً للاجئين رغم إمكانياته المالية والاقتصادية المحدودة؟

- أم أنه بسبب رد الفعل الاجتماعي الإيجابي إزاء اللاجئين رغم ما يسببه هذا اللجوء من ضغوطات على البنى الاقتصادية لدولة تعاني أصلاً من بطالة ومديونية عالية؟

- ألا يمكن أن يكون الأردن استفاد من أزمات اللاجئين لصناعة "صورة إيجابية" عبر"دبلوماسية اللجوء" هذه؟

- أو ربما قد يعود بروز هذا النموذج إلى النجاح الذي حققته سياسات واستراتيجيات الدولة الأردنية إزاء موجات اللجوء المتكررة؟

قد تكون كل هذه التساؤلات صحيحة بدرجات مختلفة، وإن كان من الضروري أن نؤكد على أن العالم المعاصر الذي تسيطر عليه الدولة– بغض النظر عن شكلها وقوتها- لا يمكن أن تكون الأفعال وردود الأفعال إلا بناءً على حوكمة وسياسات محددة؛ تسن التشريعات، وتأخذ القرارات، وتخط الأساليب حول آليات التنفيذ لتحقيق أهداف الدولة ومصالحها العليا.

وهنا، تقودنا القراءة المتأنية لـ" ملف الجوء" في الأردن إلى الاعتراف بأن "الجغرافيا تصنع التاريخ" وتصنع الحروب واللاجئين أيضاً. فمنذ الهجرة الفلسطينية الأولى عام 1948 إلى موجة اللجوء السوري عام 2011 راكم الأردن خبرات في "إدارة الأزمات" الإنسانية، ومنها أزمات اللجوء بأشكالها المختلفة.

لذلك، يمكن أن يُعزى اختلاف "النموذج الأردني" وتميزه في المنطقة بكونه يقع في قلب الشرق الأوسط الذي يتسم بالحروب والصراعات المختلفة؛ فمن "الحروب الطويلة" بين العرب وإسرائيل، والعراق وإيران، إلى "الحروب الأهلية" كالحرب اللبنانية واليمنية، إضافة إلى"الحروب السريعة" بين إسرائيل والفواعل من غير الدول مثل: حزب الله، وحماس، والحوثيين، وصولاً إلى "حروب الربيع العربي" في سوريا، واليمن، وليبيا.

تاريخياً، استقبل الأردن موجتين من الفلسطينيين عامي 1948 و1967 بحيث أصبح هناك ما يقارب الـ 2:2 مليون لاجئ، مع وجود 10 مخيمات رسمية و3 غير رسمية يعيش فيها 396 آلف لاجئ يمثلون 17.4% من مجمل لاجئي الأردن. كما واستقبل الأردن بعد الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975 مجموعة جديدة من اللاجئين اللبنانين، فضلاً عن موجة أخرى من اللاجئين العراقيين وصل تعدادها إلى 700 آلف لاجئ بعد احتلال الولايات المتحدة لبلدهم عام 2003.

وبعد عواصف ما يطلق عليه "الربيع العربي" عام2011 لجأ الكثير من اللاجئين إلى الأردن، ولا سيما السوريين الذين بلغ عددهم 615 آلف حسب إحصائيات الأمم المتحدة، و1.4 مليون لاجئ حسب الأرقام الرسمية الأردنية، إضافة إلى لاجئين من اليمن، وليبيا، والسودان.

وتتمثل السمة الثانية "للنموذج الأردني" في البعد الإنساني بالتعاطي مع اللاجئين. فبالرغم من الأردن بنى5 مخيمات للاجئين السوريين منها3 مخيمات رسمية هي: الأزرق، والزعتري، والمخيم الإماراتي الأردني، إلا أن80% من اللاجئين يعيشوا في المدن والبلدات دون فصل مادي أو معنوي يمس كرامتهم وإنسانيتهم.

أما السمة الثالثة "للنموذج الأردني" فتبرز في البعدين الاقتصادي والمالي، فمجمل ما قدمته الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، ودول الخليج العربي لدعم اللجوء السوري في الأردن لا يوازي أكثر من 45.9% من خطط "الاستجابة الأردنية" للأعوام الممتدة من عام 2015-2023؛ وهذا يعني أن هناك عجز يقدر بـ 11.8 مليار دولار على أساس أن المطلوب كان22.1 مليار دولار، علماً بأن " فاتورة" اللجوء السوري على الحكومة الأردنية من عام 2011 إلى عام 2015 وصلت إلى 6.6 مليار دولار!

صحيح أن الأردن يعاني من صعوبات اقصادية وفقر في المياه والطاقة والبنى التحتية إلا أن الدولة لم تتردد في تقديم كل ما تستطيع؛ وكان هذا كافياً للاشادة بـ "النموذج الأردني" دوليًا كدليل على الكرم والمسؤولية في الظروف الصعبة.

وتتبدى السمة الرابعة لـ "النموذج الأردني" في التعامل القانوني للدولة الأردنية مع "مسألة اللجوء" بالمجمل كون الأردن لا يملك مرجعية قانونية تؤطر السياسات الحكومية تجاه اللاجئين باستثناء اتفاقية عام 1951 التي تتكأ عليها الحكومات الأردنية للتعاون والتنسيق مع المؤسسات الدولية وخاصة الأمم المتحدة.

أخيراً، تتجلى السمة الخامسة "للنموذج الأردني" باستبعاد الأثر الأمني لوجود اللاجئين على الأمن الوطني الأردني. فمع مرور22 عاماً من اللجوء العراقي، و14عاماً من اللجوء السوري، لم يتم التشكيك أمنياً بهؤلاء اللاجئين أو استخدامهم كـ "ورقة" في الصراعات السياسية الداخلية، سواء من الأحزاب أو الحكومة المختلفة، كما يجري في دول أخرى مثل: تركيا، وبعض الدول الأوروبية؛ وهذا يعني هناك قدرة "للنموذج الأردني" على الموازنة بين الأمن الوطني والسياسة الإنسانية.

وعلى الرغم من تغير النظام في سوريت في نهاية عام 2024، ما زال الأردن مقتنع بأن "إعادة اللاجئين" إلى وطنهم" طوعاً" لن يكون بعيداً عن فكرة "التعاون الدولي" الشامل لأن دولة واحدة مثل الأردن لا يسعها تقديم "حل سحري" لأزمة معقدة وخطيرة مثل أزمة اللجوء السوري.

باختصار، يعلمنا "النموذج الأردني" أن مواجهة أزمات اللجوء المختلفة ليس مرتبط بالقوة السياسية والاقتصادية فقط بقدر ارتباطه بـ"الرؤية السياسية" الإنسانية والأخلاقية، وأن حوكمة التجربة الأردنية إزاء"اللاجئيين"، بنجاحتها أو إخفاقاتها، ظاهرة تستحق القراءة والتحليل.

* أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الهاشمية

الخليج





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :