عقدوا قرانهم على الوفاء .. وكتبوا زفافهم لأجل غزة
صالح الخوالدة
13-07-2025 08:29 PM
في عمّان، مساء أمس، لم يكن الحضور على موعد مع زفّة تقليدية، ولا قاعة تفيض بالأضواء والموسيقى بل كانوا على موعد مع لحظة إنسانية نادرة، فيها من الصدق ما يفوق الزينة، ومن النُبل ما يعجز الورد عن تمثيله.
ففي لحظةٍ خالدة، أعلن العروسان محمد أنور الرواجبة وورود الرمحي، خلال عقد قرانهما، أنهما يرفضان إقامة حفل زفاف، وأنهما اختارا أن يكون الفرح الحقيقي لأهل غزة أولئك الذين هُدمت بيوتهم، وتاهت طفولتهم تحت ركام الحرب.
لم تكن مجرد لفتة، بل كانت رسالة بصوت مرتفع:
"نحن بخير ولكن هناك من لا يملك سقفًا، ولا سريرًا، ولا حتى حلمًا مؤجلًا." وهكذا، قررا التبرع بكامل تكاليف زفافهما لأهل غزة، لتكون فرحتهما جسراً من عمّان إلى القطاع ، ومن القلب إلى القلب.
بل وأكثر من ذلك طلب العروسان من الحضور، من الأهل والأصدقاء، أن يمتنعوا عن تقديم النقوط والهدايا لهما، وأن يحوّلوا كل ما خططوا لمنحه، إلى عطاءٍ لفلسطين، إلى دفءٍ لطفل بارد، أو دواءٍ لجريح، أو طعامٍ لعائلة هجّرها القصف.
في لحظة واحدة، لم يُكتَب عقد القران فقط، بل كُتب فيه سطرٌ جديد من الوفاء الأردني لفلسطين، من التلاحم الشعبي الذي لا يعرف حدودًا، والذي كان وما زال، امتدادًا لموقف القيادة الهاشمية، المتمسكة بالقدس، والداعمة لغزة، الحاضرة دائمًا بقولها وفعلها في وجه الألم والخذلان.
لم يكن محمد وورود يبحثان عن الضوء، بل عن أثر ولم يُلغيا عرسهما بل نقلاه إلى أرض تحتاج الحب أكثر من الزينة، وإلى شعبٍ يستحق أن يفرح، ولو عبر عطاء جاء من بعيد.
لقد اختارا أن يكون أول يوم في حياتهما، بداية حياة لغيرهم...أن تكون الورود التي يحملونها، خبزًا على مائدة محاصَرة، أن يكون فستان العروس كوفية لفلسطين، وأن تكون موسيقى الفرح دعاءً لأمٍّ ثكلى... وطفلٍ ما زال حيًّا رغم كل شيء.
ففي الوقت الذي ازدادت فيه الأخبار المؤلمة من فلسطين، جاء زفاف محمد وورود ليكون بارقة أمل، وتذكيرًا بأن الفرح يمكن أن يكون بابًا للخير، ومظلةً للمحتاجين، ورسالةً تنبت في القلب وتمتد أثرًا في الأرض.
وهكذا قرر العروسان أن يكون الحب بينهما رسالة حياة، لا مناسبة عابرة، وزواجهما عقدًا من الرحمة، ممتدًا من عمان إلى غزة... ومن الإنسان إلى الإنسان.
اما لسان حال الحضور فقد كان يقول شكرا
لكل عريس وعروس بدأوا حياتهم من غزة لا منها وشكرًا لمحمد وورود، لأنكما علّمتمونا كيف يكون الفرح مسؤولية، والحب التزامًا، والزفاف موقفًا لا مناسبة.