ملهاة غزة والشرق الأوسط الجديد
حسين بني هاني
22-07-2025 02:47 PM
لا ينفك نتنياهو عن تذكير أهل المنطقة، بتغيير وجه الشرق الأوسط ، ( طبعا لصالح إسرائيل وبقيادتها ) ، ويبدو أن زيارته الأخيرة للبيت الأبيض، قد أرست قواعد هذا التغيير، دون أن يفصح عن أي قاعدة منها ، بعدما اختلّت منظومة القيم في المنطقة وعمّ التدهور، وضُربت جذور كل شيء اعتادت عليه الشعوب العربية في المنطقة، فقد بدأ الناس ينظرون حولهم ، فلا يرون في السياسة إلا ما هو غامض ويصعب فهمه ، خاصة بعد أن أغفل ترامب ، كل ما يشير إلى أمكانية قيام دولة فلسطينية ، يتشوّق لها العرب ، وتعتبرها السعودية شرطا رئيسيا للتطبيع.
ليس من المبالغة القول ، أن العرب في المنطقة أصيبوا إصابة بالغة في الصميم ، وهم يشاهدون صمت العالم على الابادة في غزة، في دورة زمنية ثقيلة ، بات الحنين يشتد فيها إلى الماضي ، ويطغى فيها الشعور بافتقاد الامل ، في ملء هذا الفراغ الممتد على مساحة الوطن العربي، أمل يُْفتَرض أن يؤنس وحشة ساكنيه القاسية ، بعد أن فرض نتنياهو عليه آلة الموت لقهر المتشوقين فيه للحرية .
تتأرجح الاسئلة امام صنّاع السياسة العرب، في لحظة يبدو انها خارجة من فتنة الزمن ، حيث لا احد يعرف ماذا يفكّر هؤلاء المتطرفين لمستقبل هذه المنطقة، حتى البيت الابيض المطّلع على تفاصيل السياسة الاسرائيلية، فوجئ بالغارات الجوية الاسرائيلية الاخيره على سوريا، رغم أن ذلك البيت ، لايقيم اصلا اي وزن لكل التصورات المتشائمة ، لمآلات حرب التجويع التي يشنها نتنياهو في غزة، وهي ما يعتبرها المقربون من الرئيس الفلسطيني، بمثابة " بروفة " قابلة للإسقاط على الضفة الغربية لاحقا ، مما سيجعل مركب السلطة الفلسطينية ، عائم على بحر لا شراع فيه ، يصدّ قوة رياح التطرّف الاسرائيلي الذي يقوده نتنياهو ، والذي جعل الشهيد في تراثنا ، ليس أكثر من سردية تروي حين يلزم ، يتم فيها استبدال الألم بالمنفعة ، بل بطاقة عبور تفتح فيها الأبواب لشرق اوسط جديد ، يسدل الستار بموجبها على الذاكرة العربية القديمة ، بأشواقها المختلفة ، لصالح صحوة سياسية يصبح فيها العدو صديقاً ، يُجبر أهل المنطقة على صداقته ، طالما أن نتنياهو يرفع شعار السلام بالقوة .
واضح أن الأحوال قد تبدّلت ، وأن قطار نتنياهو السريع في المنطقة ، وبتأييد من ترامب ، ماضٍ إلى وجهته ، وأنّ الخاسر فيه هو من لا يقوى على حجز تذكرته مبكراً وقبل فوات الأوان .