facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




غزّة في القلب والأردن في الموقف: حين يصبح الثبات هدفًا للذباب الإلكتروني


ميس القضاة
25-07-2025 12:22 AM

في مشهد إقليمي تتناقص فيه الأصوات الصادقة، وتتعدد الوجوه خلف الأقنعة الرقمية، يثبت الأردن مرة تلو الأخرى أن المواقف لا تُقاس بالضجيج، ولا تُشترى بالمواقف الطارئة، ولا تُخضعها معادلات المصالح المتقلبة. منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، لم يتردد الأردن في الإعلان الواضح، الحازم، والعلني عن موقفه الراسخ، الذي لم يكن يومًا رد فعل، بل امتدادًا لتاريخ طويل من الالتزام السياسي والإنساني تجاه القضية الفلسطينية، وبشكل خاص تجاه غزة المحاصَرة.

يقود جلالة الملك عبد الله الثاني حفظة الله ورعاه، هذا الموقف بشجاعة سياسية نادرة، في عالم تتراجع فيه الدبلوماسية أمام الابتزاز، وتذوب فيه المبادئ تحت ضغط التوازنات الدولية. الملك لم يكتفِ بالإدانات، بل خاض معركة دبلوماسية شرسة في كل منبر دولي، مطالبًا بوقف إطلاق النار، وبتحقيق العدالة للفلسطينيين، ومنددًا بجرائم الحرب التي تُرتكب يوميًا بحق المدنيين، وبخاصة الأطفال والنساء في غزة.

ولم يكن هذا الحراك السياسي منفصلًا عن الفعل الميداني، فقد تحوّل الأردن، بقيادة جلالة الملك وبدعم من القوات المسلحة الأردنية- الجيش العربي، إلى مركز إغاثة إنساني رئيسي، من خلال عشرات الإنزالات الجوية التي نفذها سلاح الجو الملكي لإيصال المساعدات الطبية والغذائية إلى قلب غزة، متحديًا تعقيدات المشهد الميداني وتهديدات الاحتلال، في مشهد يعكس عمق الالتزام، لا مجرد استعراض رمزي.

هذه الإنزالات، التي تواصلت على مدار أشهر، لم تكن فقط دعمًا ماديًا، بل كانت تعبيرًا ملموسًا عن أن الأردن لا يقف على الحياد حين يتعلق الأمر بالكرامة والعدالة. لكن هذا الموقف الصلب لم يمر دون استهداف، وكما هو متوقع في زمن الفوضى المعلوماتية، تسللت إلى الفضاء الرقمي حملات منسقة من الذباب الإلكتروني والأبواق الناعقه، تحاول التشويش على الموقف الأردني، وتعمل وفق أجندات مشبوهة على بث رسائل تشكيك وتخوين، والترويج لروايات خادعة تُظهر الأردن وكأنه غائب أو متخاذل.

والمفارقة أن هذه الحملات لا تستند إلى أي حقائق، بل تُبنى على تحريف الوقائع، واستغلال المشاعر الشعبية الصادقة لنقلها من مسارها الطبيعي إلى مسارات مشبوهة تخدم في النهاية مشروعًا واحداً وهو إضعاف الجبهة الداخلية الأردنية، والطعن في ثقة الأردنيين بمواقف دولتهم.

إن الذباب الإلكتروني ليس ظاهرة عفوية، بل هو أداة في حرب معلوماتية تستهدف الدول المستقرة، وتحاول تفكيك المجتمعات من داخلها، عبر زرع بذور الشك والانقسام والتشكيك في كل جهد وطني. في الحالة الأردنية، هذا الذباب يختار لحظات التلاحم بين الدولة والشعب ليضرب، لأنه يدرك أن تماسُك الموقف الشعبي والرسمي هو مصدر قوة يصعب اختراقه. لذلك، يصبح كل فعل أردني إيجابي لغزة مادة للهجوم، وكل موقف أخلاقي نقطة استهداف، في مشهد يكشف حجم الانزعاج من وجود دولة ما زالت تُبقي على تمسكها بضميرها الوطني والقومي.

ورغم كل هذه المحاولات، فإن الأردن لا يحتاج إلى شهادة من أحد، تاريخه، دم شهدائه، إنجازاته في الميدان، وحضوره السياسي، كلها تنطق نيابة عنه. وهو حين يتحرك من أجل غزة، لا يفعل ذلك من باب الاستعراض أو المنافسة، بل من موقع الأصالة والالتزام. فغزة ليست عبئًا على الأردن، بل شقيقة الدم والمصير. والذين يظنون أنهم قادرون على النيل من هذه العلاقة عبر تغريدات مسمومة أو مقاطع مركبة، لا يعرفون أن هذا الرباط التاريخي أقوى من أن يُخدش.

إن محاولات استهداف الأردن في هذا التوقيت بالذات تكشف أن مواقفه تؤلم، وأن صلابته تُزعج، وأن استقلالية قراره تثير امتعاض من اعتادوا على تحويل الشعوب إلى أدوات في بازار الولاءات. لكن الأردن لن يغيّر بوصلته، لأنه ببساطة لا يقف في معسكر المصالح المتقلبة، بل في معسكر العدالة والإنسانية والمبدأ.

سيبقى الأردنيون، بقيادتهم وجيشهم ومجتمعهم، سندًا لفلسطين، وعمقًا لغزة، ودرعًا لأمن هذا الإقليم الهشّ. وسيمضي الذباب الإلكتروني، مهما علا صوته، إلى حيث تمضي الحملات الفاشلة: في غياهب النسيان، لأن الأوطان التي بنيت على الموقف لا تزعزعها الشائعات، ولا تخترقها الأكاذيب.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :