لم يكن في ذهني، حين قررت التوجّه إلى مركز الخدمات الحكومي في محافظة الكرك، سوى الصور النمطية المرتبطة بالمعاملات الحكومية: طوابير الانتظار، وتعقيد الإجراءات، وضياع الوقت. لكن زيارتي تلك، والتي جاءت لقضاء معاملة بسيطة، كانت كفيلة بتغيير هذا الانطباع تمامًا.

منذ لحظة الوصول، كان واضحًا أن هناك تحوّلًا حقيقيًا في فلسفة تقديم الخدمة. استقبال لائق، تنظيم داخلي دقيق، وموظفون يعرفون تمامًا ما يقومون به. لم أحتَج إلى السؤال أكثر من مرة، فالإرشادات واضحة، والدعم متوفّر عند كل خطوة.

يضم المركز عددًا من الدوائر الحكومية الحيوية تحت سقف واحد، مثل الأحوال المدنية، دائرة الترخيص، وزارة العدل، ومكاتب أخرى، ما يجعل المراجعة أكثر سهولة وانسيابية. فبدلًا من التنقل بين المباني والمؤسسات، أصبحت المعاملات تُنجز في موقع واحد مجهّز بكافة المتطلبات.

لا يمكنني تجاهل الجانب التقني الذي أضفى على التجربة طابعًا عصريًا؛ فالشاشات الرقمية لتنظيم الدور، والبيئة النظيفة والمكيّفة، وحتى المقاعد المريحة، كلّها أمور تعكس احترام المؤسسة لوقت وكرامة المواطن.

لكن أكثر ما أثار إعجابي هو الروح التي يتحلى بها فريق العمل قائد رائع و شباب و شابات من أبناء المنطقة، يتمتعون بلباقة، وسرعة استجابة، وإحساس بالمسؤولية، وكأنهم في مهمة لخدمة مجتمعهم لا مجرد أداء وظيفة.

خرجت من المركز وأنا أشعر بالفخر لا فقط بالخدمة التي تلقيتها، بل بمستوى التطوير الذي وصلت إليه مؤسساتنا، حين تتوافر الإرادة، ويُستثمر في الكفاءات والبنية التحتية.