facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




التطرف والغرور طريق الانهيار


أ.د. مصطفى محمد عيروط
14-08-2025 11:53 PM

في التاريخ عبرٌ لمن يريد أخذ العِبَر، فالسياسي أو القائد في بلده، أو الإداري في مكانه، قد يظن أنه ملهم وقادر على فرض إرادته وما يتخيله، معتمدًا على القوة، فسرعان ما يجد نفسه وحيدًا أمام التاريخ. فالفاشل المصاب بالغرور السياسي ويتجاهل ميزان القوى على المدى الواقعي والبعيد، والتطرف الأيديولوجي، يعزل أي دولة تُقاد من متطرفين عن محيطها ويستعدي العالم. فالشعوب اليوم أكثر وعيًا نتيجة الإعلام المجتمعي المؤثر، وقنوات التواصل الاجتماعي، والإعلام المفتوح، وترفض القهر والقتل والتجويع والحرمان، وتريد السلام والتنمية والتعاون الإيجابي.

والفاشل يفتح جبهات متعددة سياسيًا وأمنيًا، وهذا يُرهق أي قوة مهما بلغت، ويؤدي إلى تفتيت الجبهة الداخلية في بلده، وصراعات سياسية ومجتمعية، وهجرات، وتدمير اقتصاد بلده، وانتشار الفوضى والمخدرات، والقتل، والعنصرية، والانحلال الأخلاقي، ومصائب كثيرة.

فدروس التاريخ واضحة لمن يقرأ، ومن واجب مراكز الأبحاث والإعلام المهني تقديم عبر التاريخ للجميع، بأن التطرف والغرور البداية، لكنه سمّ النهاية، ومهما بدت القوة مطلقة في لحظة، فقد تنهار حين ينفصل المتطرف والمغرور عن الواقع. فأدولف هتلر مثال واضح في القرن العشرين، الذي جمع بين قومية متطرفة وعنصرية عرقية وغرور، فحقق انتصارات مذهلة في سنوات قليلة، لكن الغرور والتعالي والتطرف دفعه إلى فتح جبهات متعددة، من روسيا شرقًا إلى أفريقيا، متجاهلًا الواقع الاستراتيجي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي، فاستُنزفت قوته وسقط نظامه بشكل مدوٍّ وتجرع السم.

ونابليون بونابرت سبقه على نفس الطريق، بذكاء عسكري وبراعة تنظيمية جعلته سيد أوروبا، لكنه ظن أن القارة ستخضع بالكامل لطموحاته، فكانت حملته على روسيا بداية النهاية.

فعبرُ التاريخ يتكرر بمشهد واحد مهما اختلفت الأزمنة والأماكن، فأي زعيم يمتلك القوة والقدرة، ولكنه يختار أن يسير وراء عنصريته وجشعه في التوسع، ينتهي به الأمر حتمًا إلى الانهيار والهزيمة. ومن يقرأ تاريخ بلاد الشام يعتبر، والإداري الناجح، أي قائد ناجح، يأخذ العِبَر ويقرأ ولا يقع في فخ الأوهام وغرور القوة والتطرف.

وقرأتُ بتمعن عن الذين دخلوا بلاد الشام، وأرجو قراءة عنهم:

الآشوريون والبابليون
سيطروا على أجزاء واسعة من الشام قديمًا، لكن إمبراطورياتهم انهارت أمام الفرس ثم الإغريق.

الإسكندر المقدوني وخلفاؤه السلوقيون
دخل الإسكندر الشام بسهولة، لكن حكم السلوقيين تفكك أمام الرومان بسبب الصراعات الداخلية.

الرومان والبيزنطيون
حكموا الشام قرونًا، لكنهم انهزموا أمام الفتح الإسلامي في معركة اليرموك (636م).

الصليبيون
أسسوا ممالك في الشام خلال القرن 11 و12، لكنهم طُردوا على يد صلاح الدين الأيوبي والمماليك.

المغول
اجتاحوا الشام في القرن 13 ودمروا مدنًا، لكنهم هُزموا في معركة عين جالوت سنة 1260.

العثمانيون
حكموا الشام أكثر من 400 سنة، ثم انهارت دولتهم مع نهاية الحرب العالمية الأولى.

الاحتلال الفرنسي
سيطر على سوريا ولبنان بعد الحرب العالمية الأولى، لكنه خرج تحت ضغط المقاومة والحركات الوطنية.

فالخلاصة التاريخية:
الشام دائمًا أرض عبور الحضارات. موقعها الاستراتيجي وثقلها الحضاري جعلها هدفًا دائمًا، لكن من يأتِ إليها بالقوة، يرحل في النهاية. فهذا من عبر التاريخ، طال الزمن أم قصر.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :