facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




هل يمكن للأدوات الاقتصادية إعادة التوازن أمام التوسع الإسرائيلي؟


د. حمد الكساسبة
16-08-2025 01:28 PM

تشهد منطقة الشرق الأوسط مرحلة شديدة الحساسية بعد التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول ما يُسمّى بـ "إسرائيل الكبرى"، عبر ضم أراضٍ من دول عربية. ورغم أن هذه التصريحات تبدو في ظاهرها سياسية، فإن تداعياتها تتجاوز الأمن لتشمل أبعادًا اقتصادية واجتماعية عميقة، قد تهدد استقرار المنطقة وتنعكس سلبًا على الاقتصاد العالمي. إن مثل هذا الطرح لا يمثل فقط تهديدًا مباشرًا للفلسطينيين، بل يُعدّ أيضًا تجاوزًا للاتفاقيات والمعاهدات التي وُقّعت مع دول عربية بهدف ترسيخ السلام.

إن السياسات الإسرائيلية في الضفة الغربية وغزة، وما يتخللها من محاولات تهجير وتضييق، تزيد من احتمالات انفجار الأوضاع وتفاقم الأزمات الإنسانية والاقتصادية. ويؤدي ذلك إلى تعطيل مشاريع التنمية، وخلق بيئة طاردة للاستثمارات، ورفع كلفة العيش على السكان في ظل غياب أفق سياسي واضح.

من جهة أخرى، فإن التصعيد السياسي يضع أسواق المنطقة أمام اختبارات قاسية، إذ يرفع من تكاليف التأمين على الاستثمارات والمشاريع الكبرى، ويؤثر على تدفق رؤوس الأموال الأجنبية، لا سيما في دول الخليج التي تمثل مركزًا ماليًا ومحركًا رئيسيًا للاستثمار العربي والدولي. كما أن تهديدات إغلاق أو تعطيل خطوط التجارة البرية والموانئ والمجال الجوي ستزيد من تكاليف النقل والتأمين البحري، ما ينعكس مباشرة على أسعار السلع والخدمات ويعمق الضغوط التضخمية.

أي تصعيد واسع النطاق سيضر بسلاسل الإمداد العالمية، خصوصًا في القطاعات الحيوية مثل الطاقة والغاز الطبيعي والأسمدة. فالمنطقة تشكل شريانًا أساسيًا لتزويد الأسواق العالمية بالنفط والغاز، وأي اضطراب في هذه الإمدادات سيرفع الأسعار عالميًا، ويضغط على الاقتصادات المستوردة، ويجبر البنوك المركزية الكبرى على إعادة النظر في سياسات الفائدة. كما ستتأثر أسواق الغذاء، إذ إن تعطيل صادرات الحبوب والأسمدة سيؤدي إلى موجات غلاء قد تمتد من آسيا إلى إفريقيا وأوروبا.

كما أن الاستثمارات الغربية في المنطقة لن تكون بمنأى عن المخاطر، وهو ما قد يؤدي إلى هروب رؤوس الأموال نحو الملاذات الآمنة على حساب العملات المحلية. ولا شك أن استمرار الدعم الأمريكي غير المشروط لإسرائيل سيقوض نفوذ واشنطن في المنطقة، ويعرض مصالحها الاقتصادية للخطر، خصوصًا إذا تبلور موقف عربي وإسلامي موحد يستخدم أدوات الضغط الاقتصادية بفاعلية.

إن المطلوب من الدول العربية والإسلامية ليس الاكتفاء بالإدانة، بل التحرك العملي عبر استخدام الأدوات الاقتصادية والسياسية المتاحة. أولًا: إعادة تفعيل المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل والشركات الداعمة لها. ثانيًا: تعزيز التعاون الاستثماري والتجاري مع شركاء ملتزمين بالاستقرار. ثالثًا: توظيف الثقل العربي والإسلامي في المؤسسات الدولية لفرض قرارات ملزمة. رابعًا: بناء تحالفات مع قوى اقتصادية كبرى في آسيا وأمريكا اللاتينية لعزل إسرائيل سياسيًا واقتصاديًا.

إن استمرار إسرائيل في تهديداتها التوسعية لن يجعل الفلسطينيين والعرب الخاسرين وحدهم، بل إن إسرائيل نفسها، ومعها الولايات المتحدة، قد تصبحان الأكثر تضررًا على المدى البعيد، بفقدان الاستقرار الإقليمي وتراجع فرص التعاون الاقتصادي، وتقويض مكانة واشنطن ونفوذها في الشرق الأوسط. ومن هنا فإن الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، ووقف السياسات التوسعية، ليس مجرد مطلب سياسي، بل شرط أساسي لحماية استقرار الاقتصاد العالمي وضمان مستقبل أكثر عدلًا وتوازنًا.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :