** يعطي الديمقراطية ميزة اضافية ويجنب الانقسام الوطني على القضايا الكبرى ..


في مناسبات كثيرة طالب البعض باجراء استفتاء شعبي لحسم الجدل حول قضايا خلافية , الرد من المسؤولين كان على الدوام بأن الدستور لايتضمن نصا يسمح بذلك . وقد تناقلت وسائل اعلام مؤخرا ان اعضاء في اللجنة الملكية لتعديل الدستور اقترحوا اضافة مادة تسمح باجراء الاستفتاء في حالات يتم تحديدها سلفا , وكان لاعضاء اخرين رأي مخالف يرى ان لاحاجة لنص صريح اذ يمكن للملك استخدام صلاحياته الواسعة في الدستور لاجراء استفتاء متى وجد ذلك ضروريا .

في دساتير دول ملكية وجمهورية نصوص صريحة على الاستفتاء لابل ان دولا مثل سويسرا تلجأ للاستفتاء في كل تشريعاتها وحول اي قضية , ويكفي لاجراء الاستفتاء ان يجمع انصار القضية تواقيع 50 الف مواطن على مستوى الولاية , ونتيجة الاستفتاء تكون ملزمة لمجلس النواب ولكل السلطات في البلاد . بهذا المعنى فان الاستفتاء هو بمثابة نظام حكم , وقد اخذت عدة دول بالطريقة السويسرية في الحكم من بينها استراليا ودولة اخرى في امريكا اللاتينية لايحضرني اسمها الان .

دول اوروبا عموما تأخذ بمبدأ الاستفتاء وتلزم دساتيرها بتطبيقه في حالات كثيرة , واذا ما رغبت دولة اوروبية بالانضمام الى الاتحاد الاوروبي فعليها اولا ان تستفتي شعبها وتنال تأييد الاغلبية . اما في القضايا التي تهم جميع الاعضاء مثل دستور الاتحاد فينبغي الحصول على تأييد الاغلبية الشعبية في البلدان الاعضاء في الاتحاد , ويتذكر الكثيرون اخفاق الاتحاد الاوروبي في تمرير الدستور بعد تصويت الفرنسيين ضده .

تجربة العالم العربي مع الاستفتاءات معروفة , دول مثل مصر وسورية تنص دساتيرها على ذلك لكن غياب الديمقراطية والنزاهة جعل من الاستفتاء في مصر قبل الثورة موضوعا للسخرية لفرط ما فيه من تزوير للارادة الشعبية , وحال الاستفتاءات في العالم العربي من حال الانتخابات التشريعية التي نادرا ما تكون نزيهة .

نعود الى الاردن ونسأل : ما الذي يحول دون وجود نص في الدستور يقضي باجراء الاستفتاء . الوقت مناسب لخطوة من هذا النوع , فالدستور لايخضع للتعديل الا في حالات محدودة خلافا لباقي القوانين في الدولة , وهو الان مفتوح بامر من الملك لمراجعة شاملة وفي ظرف تاريخي هو بحق عصر الشعوب العربية , فهل هناك لحظة ملائمة للاخذ بمبدأ الدستور افضل من هذه اللحظة ?

لايمكن ان يكون النص على الاستفتاء مطلقا في الدستور , يتعين تحديد الاطار العام له واشتراط موافقة الملك على اي طلب لاجراء الاستفتاء , وربطه بالقضايا التي لا تعالجها التشريعات السارية , اي القضايا المصيرية الكبرى التي تؤثر في مستقبل الوطن والشعب ونظامه . ويمكن اعتبار قضايا مثل الانضمام الى مجلس التعاون الخليجي , او الكونفدرالية مع الدولة الفلسطينية في المستقبل نماذج على القضايا الخاضعة للاستفتاء .

الاستفتاء ميزة اضافية لاي ديمقراطية واداة فعالة لتجاوز الانقسام الوطني في القضايا الكبرى والحفاظ على الوحدة الوطنية للشعب, شرط ان يكون على الطريقة الاوروبية وليس على غرار استفتاءات نظام مبارك او حتى مثل انتخابات نيابية سابقة في الاردن .0


fahed.khitan@alarabalyawm.net
العرب اليوم