لا أحد يستطيع أن ينكر أن تطوير الإدارة العامة لم يعد ترفا لأنه البنية الأساسية لإصلاح كافة القطاعات وخدمتها وتطويره يخدم الدولة بكل أركانها ومواطنيها والاستثمارات المحلية والأجنبية المولد الرئيس لفرص العمل.

والجهاز الإداري الحكومي أو كما يحب أن يسميه البعض "حزب الإدارة العامة" كان منذ تأسيس الدولة الأردنية أحد أبرز المولدات لقيادات حقيقية للدولة إلى جانب ما ينتجه مجلس النواب والنقابات المهنية والأحزاب السياسية والعشائر من قيادات على كافة المستويات.

وحزب الإدارة العامة اليوم يحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى مراجعة شاملة وتحديث آليات تطويره لهذا جاء مسار التحديث الإداري ليتولى هذه المهمة.

ولينجح مسار التحديث الإداري لابد من الاهتمام بمسألة التعاقب الوظيفي بشكل أساسي الذي يعتبر جوهر عملية التحديث لما له من أثر في إنتاج أكثر من مستوى من القيادات الإدارية الحكومية وليحمي الجهاز الإداري من الشيخوخة، من خلال ضخ دماء جديدة مؤهلة ومدربة وممكنة بكل ما تحتاجه للقيام بدورها على أكمل وجه.

وهنا علينا التفريق بين الإحلال الوظيفي الذي يعمل على تحديد بدائل محتملين لأصحاب المناصب العليا في حال حدوث ما يستدعي غيابهم عن مواقعهم الحالية وبين التعاقب الوظيفي الذي يهدف ألى ضمان استمرارية القيادة لشتى المناصب الرئيسية وكافة الأدوار الحرجة والحاسمة في الجهاز الإداري الحكومي وهذا يتطلب تحديد وتقييم الأفراد المحتملين لشغل هذه المناصب، وتطوير مهاراتهم الحالية وصقلها لتناسب متطلبات هذه المناصب والأدوار المستقبلية.

ولأن عملية التعاقب الوظيفي هي مرحلة أشمل وأدق ويتم تنفيذها لتحقيق أهداف طويلة المدى، على عكس عملية الإحلال الوظيفي التي قد تعتبر في كثير من الحالات مرحلة تفاعلية تأتي كاستجابة للطوارئ الفورية أو كإحدى عمليات إدارة المخاطر في حين تغيّب أحد أصحاب المناصب العليا، ويتم تنفيذها لتحقيق هدف قصير المدى.

ومن فوائد خطط الاحلال والتعاقب ضمان استمرارية الإدارة العامة من خلال توفير قيادات مؤهلة ومدربة وتعزيز الكفاءة والفعالية في الإدارة العامة من خلال توفير قيادات قادرة على اتخاذ القرارات الصحيحة وهذه الإجراءات ينبغي أن يرافقها تقييم لأداء القيادات الجديدة وتقديم التغذية الراجعة المطلوبةلتحسين أدائهم.

والأهداف الجوهرية من تحديث "حزب الإدارة العامة" تطوير أداء كافة مؤسسات الدولة، تحسين نوعية وجودة الخدمات الحكومية المقدمة للمواطنين، زيادة جذب الاستثمارات الخارجية وتوطين الاستثمارات المحلية وتبسيط الإجراءات الحكومية وأتمتتها لتوفير وقت وجهد المواطنين والمستثمرين على حد سواء.

وختاما يساهم تحديث الإدارة العامة في توليد قيادات جديدة في كافة مؤسسات الدولة ويعزيز مبدأ الشفافيةوالمساءلة وبالمحصلة يعزز الثقة بالحكومة وبأجهزتها المختلفة.