أعاد لقاء دولة رئيس الوزراء مع الأمناء العامين للوزارات تسليط الضوء على موقعهم المحوري داخل منظومة الإدارة العامة، بوصفهم الركيزة التي تضمن استمرارية العمل المؤسسي، والحلقة التي تربط بين السياسات العليا للدولة وميدان التنفيذ اليومي.

فبينما يتبدل الوزراء بحكم الطبيعة السياسية للحكومات، يبقى الأمين العام الضامن لعدم انقطاع المسار الإداري والفني، والحارس على استدامة البرامج والخطط. ومن هنا جاء تأكيد الرئيس على أن مسؤوليتهم تتجاوز التسيير اليومي إلى قيادة عملية التحول المؤسسي، من خلال رفع كفاءة الأداء، وتعزيز الإنتاجية، وربط ذلك برضا المواطن والمستثمر، باعتباره المقياس الأهم لنجاح أي وزارة.

إن ما طُرح في الاجتماع يضع الأمناء العامين أمام تحدٍ مزدوج: الأول ترجمة أولويات رؤية التحديث الاقتصادي والإداري إلى خطط وبرامج عملية، والثاني إرساء منظومة حوكمة فاعلة قائمة على المهنية والشفافية والمساءلة. وهذا يتطلب منهم أن يكونوا قادة لا موظفين، ومبادرين لا منفذين فقط.

كما أن اختيار الكفاءات وتوزيع الأدوار داخل الوزارة لم يعد مسألة إجرائية، بل معياراً لمدى قدرة الأمين العام على صناعة الفارق وضمان فاعلية الجهاز الإداري. فنجاح أو إخفاق أي وحدة أو مديرية داخل الوزارة يرتبط بقراراته في هذا المجال.

إن التوجه الحكومي الجديد يمنح الأمناء العامين فرصة لإعادة تعريف أدوارهم، لتصبح أكثر التصاقاً بالحوكمة الرشيدة وثقافة الأداء المؤسسي، وبذلك يتحولون إلى شركاء حقيقيين في مسيرة الإصلاح الوطني، وإلى ركيزة أساسية في تعزيز ثقة المواطن والمستثمر بالإدارة العامة الأردنية.