في زمنٍ تتعاظم فيه تحديات المخدرات وتتسارع طرق انتشارها، تقف إدارة مكافحة المخدرات في مديرية الأمن العام سدا منيعا، ليس فقط في الجانب الأمني، بل بوصفها الذراع المحوري الوطني في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للوقاية من آفة المخدرات للأعوام 2024–2026، التي أُطلقت بتاريخ 19/3/2024، برعاية مدير الأمن العام اللواء الدكتور عبيد الله المعايطة، وضمن توجه وطني يعكس التوجيهات الملكية السامية في حماية المجتمع وصون مستقبل الشباب.

منذ إطلاق الاستراتيجية، تولت إدارة مكافحة المخدرات بقيادة العميد حسان القضاه، مهام الإشراف، والمتابعة، والتنسيق بين ضباط ارتباط الوزارات والمؤسسات الوطنية المعنية. وقد أظهرت نتائج تنفيذ الاستراتيجية حتى نهاية شهر آب من عام 2025 نسبة إنجاز بلغت 92.5%، وهو مؤشر واضح على حجم الجهد الوطني الشامل، الذي لم يقتصر على إدارة مكافحة المخدرات وحدها، بل انطلق من منظومة وطنية متكاملة ضمت عشرات الجهات الرسمية والأهلية.

ويأتي في صلب هذا الجهد القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، والأجهزة الأمنية كافة، التي لعبت دورا حاسما في حماية الحدود، ومواجهة شبكات التهريب والترويج، وساهمت إلى جانب الجهات المدنية في المحاور الوقائية والعلاجية والتأهيلية.

وقد شهدت الاجتماعات التنسيقية الدورية – وآخرها ما عُقد هذا الأسبوع – مراجعة شاملة للإنجازات، ومناقشة خطط العمل لما تبقى من العام، مع التأكيد على تعزيز جهود التوعية، الوقاية، العلاج، وإعادة التأهيل، بما يرسخ مفهوم التكامل المؤسسي والمجتمعي.

ومن الإنصاف القول إن هذا التقدم لم يكن ليتحقق لولا العمل التشاركي الحقيقي الذي جسّد أعلى صور "المسؤولية المجتمعية"، حيث تفاعلت المؤسسات الحكومية، إلى جانب الجامعات، الإعلام، ومؤسسات المجتمع المدني، بتنفيذ البرامج والأنشطة، والقيام بدور محوري في نشر الوعي والتدريب وتقديم الخدمات العلاجية.

لقد جاءت هذه الاستراتيجية كخارطة طريق وطنية ترتكز على ثلاثة أعمدة رئيسية: الوقاية، العلاج، والتأهيل، وصيغت بأسلوب يواكب التحولات المجتمعية ويراعي أساليب التأثير الحديثة، بما في ذلك استخدام الوسائل التكنولوجية ومنصات الاتصال للتوعية والتثقيف.

وختاماً، فإن إدارة مكافحة المخدرات تثبت مرة تلو الأخرى أنها ليست فقط جهة إنفاذ قانون، بل نموذج مؤسسي وطني يجمع بين الرؤية الأمنية والوعي المجتمعي، وبين صرامة المواجهة ورُقي الرسالة.

كل التقدير لكل مؤسسة وموظف ومتطوع ومسؤول شارك في إنجاح هذه الاستراتيجية... فالمعركة مع المخدرات ليست معركة أجهزة فقط، بل معركة وطنية شاملة، لا تحتمل التراخي، وتحتاج لكل جهد مخلص، ولكل يد تبني، ولكل صوت يُنبه، ولكل فكرة تُنير.

الأردن أقوى بلا مخدرات... والوطن محمي بإرادة أبنائه.

* عضو التحالف الوطني لمكافحة المخدرات