facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




وضع "جيوسياسي" مستجد في الشرق الأوسط؟!


أ.د أحمد بطَّاح
03-09-2025 11:28 AM

إن المتأمل في الأحداث التي تلت السابع من أكتوبر 2023 يلاحظ أن ثمة وضعاً "جيوسياسياً" جديداً يتشكل في الشرق الأوسط، ولعلّ من الحكمة أن نسارع إلى القول بأنّ هذا الوضع لم يتبلور نهائياً بعد ولكن ملامحه الأساسية واضحة للعيان، ولا بدّ لصُناع القرار في الإقليم من التنبه لها، واتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنها، ولعلّ من أهم هذه الملامح:

أولاً: تنامي "السطوة" الإسرائيلية في الإقليم، ففي سياق ردة فعلها على "السابع من أكتوبر" لم تكتفِ إسرائيل بمحاولة استعادة نظرية الردع الخاصة بها من خلال ما تقوم به من "إبادة جماعية" مشهودة، "وتجويع" مُروِّع في قطاع غزة، بل عمدت إلى ضرب حزب الله في لبنان، والاستيلاء على مساحات غير قليلة من الأراضي السورية، بل والهجوم على إيران وتدمير عدد من منشآتها النووية، وقتل بعض أهم قادتها العسكريين، وعلمائها النوويين، ناهيك عن ضرب جماعة أنصار الله الحوثيين. إنّ إسرائيل تتصرف الآن كقوة إقليمية منفلتة تضرب هنا وهناك، وتحاول أن تفرض ما تراه مصلحة لها بغض النظر عن ظروف الدول الأخرى ومصالحها.

ثانياً: تراجع القوة الإقليمية لإيران كرأس محور معادي لإسرائيل، وبخاصة بعد حرب الإثني عشر يوماً معها، والتي كشفت عن خرق واضح للمنظومة الأمنية الإيرانية من جهة، وعن قدرة الذراع الإسرائيلية الطويلة التي استطاعت الوصول إلى إيران على بعد 2000 كم، وتدمير كثير من الإمكانات العسكرية والاستراتيجية الإيرانية، ولعلّنا لا نبالغ إذا قلنا بأن إيران كقوة إقليمية قد تراجعت إلى درجة كبيرة بعد خسارتها لحليفتها السورية (أيام النظام السابق)، وضرب حليفها حزب الله ضربة مؤثرة، وتجميد حلفائها (أو أذرعها) في العراق.

ثالثاً: تحييد الجماعات أو المنظمات أو الأحزاب المسلحة التي كانت تتصدى لإسرائيل في الإقليم بغض النظر عن تبعيتها أو تحالفاتها أو انتماءَاتها الفكرية، فقد تم تحييد "حزب الله" وإجباره على الانسحاب إلى شمال الليطاني، وتم كبح جماح "الحشد الشعبي" واحتوائه في العراق، وغني عن القول أن المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حماس، تلقت ضربات شديدة وإن كانت ما زالت تقاوم ببسالة وإصرار، وكذلك أنصار الله الحوثيين وما يمكن قوله هنا هو أن القيمة الوازنة للجماعات المسلحة المناوئة لإسرائيل قد تضاءَلت إلى درجة مُعتبرة وبحيث لم تعد تشكّل خطراً حقيقياً على إسرائيل.

رابعاً: محاولة إسرائيل "دفن" فكرة إقامة الدولة الفلسطينية وفقاً لحل الدولتين التي تؤمن بها معظم الدول وتعمل على تحقيقها، وذلك في ضوء تدمير إسرائيل لقطاع غزة، ومحاولة تهجير سكانه في النهاية، وفي ضوء ما قامت وتقوم به من تدمير للمخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية، والتوسع في الاستيطان وصولاً إلى تقسيم الضفة الغربية، وفصلها جغرافياً وواقعياً عن "القدس الشرقية" (العاصمة المستقبلية المفترضة للدولة الفلسطينية)، وليس بعيداً أن تقوم إسرائيل بضم الضفة الغربية ومدّ سيادتها عليها، والطريف في الأمر أن هذا يحدث في ضوء تنامي الاعتراف العالمي (وبالذات الأوروبي) بالدولة الفلسطينية، وتزايد عزلة إسرائيل ونبذها وإدانتها من كثير من الدول ومن معظم إن لم نقل كل المنظمات الأممية كمنظمة الصحة العالمية، وبرنامج الغذاء العالمي، والأونروا، ومنظمة العفو الدولية، وغيرها.

خامساً: محاولة فرض النظرية الإسرائيلية الأمريكية القائلة "بالسلام من خلال القوة" كمحصلة لكل ما سبق من ظروف ووقائع خلفتها إسرائيل مدعومة بإسناد غير مسبوق وغير محدود من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، والواقع أن أصحاب هذه النظرية في الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة الحالية (نتنياهو، سموتريتش، بن غفير) وأركان الإدارة الأمريكية (ترامب، روبيو، شيا، هاكابي) يأملون في أن يمهدوا لمزيد من التطبيع مع الدول العربية، وتركيع الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته نهائياً، والمؤسف أنّ كل هذا يتم في غياب أيّ قدرة عربية حقيقية على التأثير في مجريات الأحداث رغم مصيرتها لكل الشعوب العربية، كما يتم في غياب أية قوى إقليمية أخرى مهمة، وفي غياب أية قوى دولية معادلة للقوة الأمريكية وتابعتها الإسرائيلية.

لقد جاءَ المؤرخ المشهور "توينبي" يوماً ما بنظرية "التحدي والاستجابة" في سياق تفسيره لتخلف الأمم ونهوضها، والأمل معقود في ضوء هذه النظرية أن تستجيب الأمة العربية لهذا التحدي الكبير فتستجمع قواها، وتنهض لمواجهة أعدائها وبخاصة أنّ لديها من القدرات والإمكانيات ما يُمكّنها ليس فقط من الدفاع عن نفسها بل من الغلبة والانتصار على أعدائها.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :