يحظى قطاع الشباب في الأردن باهتمام ورعاية خاصة من لدن جلالة الملك عبدالله الثاني وسمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، حيث يؤكد جلالته دوما أن الشباب هم رأس المال الحقيقي للأمة، فيما يتابع سمو ولي العهد بشكل حثيث جميع المبادرات والخطط الوطنية التي تستهدف تمكينهم وتوفير البيئة المناسبة لهم ليكونوا شركاء فاعلين في مسيرة البناء.

ومع تسلم وزير الشباب الجديد د. رائد العدوان لمهامه بروح من الحماس والإصرار على العمل والإنجاز، تبدو الفرصة سانحة لإعادة ترتيب البيت الداخلي للوزارة وتجاوز الهفوات المؤلمة السابقة، بما يعيد الثقة بين الشباب ومؤسساتهم الوطنية، بعد أن تصدر مشهد العمل والتخطيط والتنفيذ، محترفون من خارج الوزارة من غير العالمين بشؤونها وطبيعة عملها.

إن التوجه نحو مراجعة الملفات العالقة ومعالجتها بجرأة وشفافية سيعزز مكانة الوزارة ويؤكد أنها تسير بخطى واثقة نحو المستقبل، حيث تقف في مقدمة الأولويات الحاجة إلى خطة صيانة شاملة للمرافق والمدن والمجمعات الرياضية والمراكز الشبابية، بما يضمن استدامتها ويحافظ على جاهزيتها، فقد كشفت بعض الزيارات الرسمية الأخيرة عن أوضاع غير مرضية تعكس الإهمال في هذا الجانب، الأمر الذي يستدعي تحركا عاجلا لإطلاق خطة واضحة قبل نهاية العام. وإلى جانب ذلك، لا بد من معالجة التقصير في توفير اللوازم الأساسية للمراكز الشبابية، إذ جرى حصر احتياجاتها أكثر من مرة في السابق دون أن يصار إلى تزويدها بما تحتاج، ما أفقد هذه المراكز جزءا من قدرتها على خدمة الشباب والمجتمع المحلي من المنتسبين إليها.

كما أن مراجعة البرامج الشبابية وتطويرها باتت ضرورة ملحة، خصوصا مع تراجع نسب المشاركة وبصورة كبيرة في بعض المبادرات والبرامج الوطنية والنوعية التي لن اذكرها حفاظا على سمعتها.

إن إعادة هيكلة هذه البرامج لتكون أكثر ارتباطا بواقع الشباب وتطلعاتهم والحث على المشاركة فيها بصورة غير تقليدية، إلى جانب إعادة بناء الشراكات مع المنظمات الدولية والقطاع الخاص بعد تراجعها، سيعيد الحيوية والزخم لدور الوزارة.

وفي السياق ذاته نأمل من معالي الوزير المتحمس إعادة تفعيل خطة تطوير المراكز الشبابية والتي إن سأل عنها سيجدها على حالها قبل عام، علما أنها تحظى بمتابعة مباشرة من سمو ولي العهد، وهذا سيؤكد التزام الوزارة بتجسيد التوجيهات الملكية على أرض الواقع.. هذه المراكز مطالبة اليوم بأن تتحول إلى منصات للإبداع والابتكار، وتعزز حضور الشباب في مجتمعاتهم وتفتح أمامهم آفاقا جديدة.

أما على صعيد الإصلاح الإداري، فلا بد من الاعتراف بأن التعيينات الإدارية التي تمت خارج الأطر الرسمية وتعليمات ديوان الخدمة المدنية، شكلت أحد الأوجه التي أضعفت ثقة العاملين داخل الوزارة، ومعالجة هذا الملف بجدية ستعيد العدالة وتضمن أن يكون معيار الكفاءة والجدارة هو الأساس في شغل المواقع، بما يرفع الروح المعنوية للعاملين ويؤسس لبيئة عمل أكثر انسجاما.

كما أن إعادة بطولات الشباب للخماسيات إلى صورتها الواسعة بمشاركة آلاف الفرق من مختلف المحافظات بعد أن تم تقزيمها، ستعزز الروح الرياضية والانتماء الوطني، وتفتح الباب أمام اكتشاف مواهب جديدة ترفد الرياضة الأردنية.

وعلى الصعيد الاستراتيجي، يتطلب إعداد المرحلة المقبلة من الاستراتيجية الوطنية للشباب نهجا تشاركيا واسعا يضع الشباب ومؤسسات المجتمع المدني والقطاعين العام والخاص في قلب عملية التخطيط، لتكون الاستراتيجية انعكاسا حقيقيا لأولوياتهم.

كما أن المضي بخطوات عملية لتحويل الأندية الرياضية إلى شركات وفق معايير مدروسة، سيعزز استدامتها المالية والإدارية ويفتح أمامها المجال للقيام بدورها بصورة أكثر احترافية وتنظيماً.

إن معالجة آثار الإهمال الذي رافق بعض الملفات خلال الفترة الماضية، واقتحامها بروح إصلاحية متجددة، سيمنح الوزير الجديد زخما مضاعفا، ويؤكد أن المرحلة المقبلة هي مرحلة تجديد وتطوير، تجسد الرؤية الملكية وتترجم متابعة سمو ولي العهد إلى إنجازات ملموسة، يكون عنوانها أن الشباب في صدارة الأجندة الوطنية.