يشكل قطاع الطيران الأردني صورة متكاملة لنهج وطني يوازن بين الإبداع المؤسسي والتضحية البطولية والبعد الإنساني تحت قيادة جلالة الملك عبد الله الثاني القائد الأعلى للقوات المسلحة فقد تحول هذا القطاع من مجرد خدمة نقل أو قوة عسكرية إلى قصة وطنية تحمل في طياتها دلالات العزيمة والإصرار وتفتح أفق الريادة للأردن في الإقليم والعالم

في الجانب الاقتصادي والتجاري واصل الأردن تعزيز حضوره الإقليمي والدولي من خلال تطوير البنية التحتية حيث افتتح جلالة الملك مبنى هنجر 7 التابع لشركة جورامكو لصيانة الطائرات ووضع حجر الأساس لمركز الشحن الجوي التابع للملكية الأردنية باستثمارات استراتيجية جعلت المملكة مركزا مهما في المنطقة لخدمات الصيانة والتشغيل والشحن بما يعزز الاقتصاد الوطني ويخلق فرصا جديدة للابتكار والنمو

أما في مجال التعليم والتدريب فقد أولى جلالته اهتماما كبيرا بتأهيل الكوادر البشرية من خلال دعم الأكاديمية الملكية الأردنية للطيران ومراكز التدريب التشبيهي التي تعد من الأحدث في المنطقة مؤكدا أن الاستثمار في العنصر البشري هو الطريق الأكيد للتميز وقد تجسد ذلك في قصص نجاح لافتة أبرزها سمر العوران أول فتاة عربية مسلمة تقود طائرة نفاثة وتقطع المحيط الأطلسي وتعمل في أكاديمية الطيران الملكي لتدريب الأجيال القادمة كما حلقت الملازم الطيار سبأ الذنيبات بطائرة مقاتلة اف 16 لتكتب صفحة جديدة في سجل إنجازات الأردنيات ويشكل هذا الإنجاز رمز تمكين المرأة الأردنية وقدرتها على قيادة المجالات غير التقليدية

وعلى الصعيد العسكري يشكل سلاح الجو الملكي الأردني درعا حصينا للسماء وأداة إنسانية في آن واحد فقد حمل أبطاله راية التضحية عبر أسماء خالدة مثل الشهيد موفق بدر السلطي في معركة السموع والشهيد معاذ الكساسبة في مواجهة الإرهاب والفريق الركن إحسان شردم الذي نعاه جلالة الملك واصفا إياه بالصقر الباسل إنهم نماذج نسور رسمت بدمائها وتضحياتها ملامح العزة الوطنية

الدور الإنساني الأردني كان وما زال علامة فارقة في سجل الطيران فطائرات سلاح الجو من طراز سي 130 نفذت عمليات إنزال جوي لإيصال المساعدات إلى غزة ومناطق الأزمات بإشراف مباشر من جلالة الملك في رسالة تؤكد أن الأردن لا يكتفي بالدفاع عن أرضه وسمائه بل يقدم للعالم صورة الدولة التي تحمل رسالة الخير والسلام

وإلى جانب هذا البعد البطولي والإنساني برزت مساهمة الأردن الصناعية والتصنيعية من خلال شركة الأردن لصناعات الطيران التي افتتحت مصنعا لتصنيع طائرة التدريب سما سي اتش 2000 عام 2004 وهي خطوة رائدة في الشرق الأوسط كما بدأت بتجميع طائرات ريموس جي 3 الترا لايت مستهدفة الأسواق الإقليمية والعالمية وحصلت على شهادة الإنتاج الرسمية من الهيئة الأردنية للطيران المدني لتكون الأولى بين المشاريع الخاصة في المنطقة

وفي قطاع الصيانة والدعم الفني حصدت جورامكو لقب ام ار او العام للشرق الأوسط وإفريقيا ووقعت اتفاقيات مع شركات كبرى مثل بوينغ وتوي فيما حصلت شركة جالكو على شهادات جودة عالمية مثل ايزو 9001 و اي اس 9110 سي مكنتها من تقديم خدمات متقدمة لصيانة المحركات

أما في التدريب والتعليم الجوي فقد حققت الأكاديمية الملكية الأردنية للطيران نسبة توظيف للخريجين تصل إلى اثنين وتسعين بالمئة من داخل الأردن ومن أربع وخمسين دولة حول العالم وفي عام 2025 وقعت شراكة استراتيجية مع شركة جاتس لتعزيز التدريب عبر المحاكاة الحكومية المتقدمة كما تم تحديث أسطول التدريب العسكري بمحركات الهليكوبتر بيل 505 الحديثة وأطلقت كلية التدريب المتقدم برنامجا متخصصا لصيانة هياكل الطائرات بالتعاون مع جورامكو لتأهيل الطلاب عمليا على أرض الواقع

على مستوى التنظيم والتحول الرقمي وقعت الهيئة الأردنية لتنظيم الطيران المدني أكثر من خمس وستين اتفاقية سماء مفتوحة وعدلت ثمان وتسعين اتفاقية ثنائية ومتعددة الأطراف لتوسيع شبكة الطيران الأردني إلى مئة وخمس وعشرين دولة كما دخلت الملكية الأردنية في شراكة مع جي اي ايروسبيس لاعتماد حلول رقمية متطورة في السلامة والصيانة التنبؤية وترشيد استهلاك الوقود

أما في قطاع الطيران التجاري والخدمات فقد برزت شركة جوردن افييشن كأول شركة طيران خاصة أردنية تحصل على شهادة تشغيل اي او سي لتخدم أكثر من خمسين وجهة دولية بأسطول حديث إضافة إلى دورها الإنساني المميز في نقل قوات حفظ السلام

هكذا يتضح أن قطاع الطيران الأردني ليس مجرد صناعة أو مؤسسة بل هو قصة وطنية متكاملة تشهد على رؤية ملكية ثاقبة وإرث بطولي خالد وحاضر زاخر بالإنجازات ومستقبل واعد بالريادة