الملك في قمة الدوحة: خطاب حاسم لحماية المقدسات والأمن العربي
ميس القضاة
16-09-2025 01:58 AM
جاءت كلمة الملك عبد الله الثاني حفظه الله ورعاه في القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة لتعكس موقف الأردن الحاسم تجاه التطورات الأخيرة في المنطقة، مؤكدة الثوابت الأردنية في دعم القضية الفلسطينية، وحماية القدس والمقدسات، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود ٤ يونيو 1967. شدد الملك على أن أي اعتداء على دولة عربية لا يهدد الدولة نفسها فحسب، بل يمس الأمن القومي العربي بأسره، وأن الصمت أو الاكتفاء بالشجب لم يعد خيارًا مقبولًا. لقد وضع الأردن حماية القدس والمقدسات في قلب استراتيجيته، مؤكدًا أن الأمن العربي المشترك لا يتحقق إلا بالتصدي لكل تهديد يمس أي دولة عربية.
تزامن خطاب الملك مع البيان الختامي للقمة الذي جاء متناغمًا مع هذه الرؤية، إذ أدان بأشد العبارات الهجوم الإسرائيلي “الجبان وغير الشرعي” على قطر، واعتبره عدوانًا يقوض فرص السلام في المنطقة ويهدد الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي. ولم يكتف البيان بالرفض اللفظي، بل دعا الدول المشاركة إلى اتخاذ كافة التدابير العملية والفعالة ضد إسرائيل، بما في ذلك مراجعة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية معها، وتحريك مسارات قانونية لمساءلتها أمام المحاكم والهيئات الدولية. هذه الدعوات تؤكد أن الرد على الاعتداءات الإسرائيلية يجب أن يكون واسعًا وحاسمًا، وأن العمل العربي المشترك يحتاج إلى أدوات سياسية وقانونية واقتصادية ملموسة، وليس مجرد بيانات شكلية.
في قراءة معمقة للخطابين، الرسمي الأردني والجماعي العربي، يظهر بوضوح التحول الاستراتيجي في الموقف العربي. فالأردن، الذي لطالما تمسك بلغة الاعتدال والدعوة للحوار، انتقل اليوم إلى خطاب أكثر صلابة، يطالب بالتحرك العملي ويربط بين السيادة الوطنية والسيادة العربية، ويؤكد أن حماية القدس والمقدسات جزء لا يتجزأ من الأمن العربي المشترك. ويعكس هذا التحول وعي الأردن العميق بأن اللغة المعتدلة وحدها لم تعد كافية لمواجهة الاعتداءات المتكررة، وأن استمرار السياسات التقليدية بدون مساءلة يشكل تهديدًا مباشرًا للاستقرار العربي والإسلامي.
من هذا المنطلق، يشكل خطاب الملك والبيان الختامي معًا إطارًا للموقف العربي الجديد، الذي يطالب برد واسع وفاعل تجاه أي عدوان، ويضع حماية القدس والمقدسات في قلب الأمن العربي المشترك. ويؤكد الأردن أن وحدته مع الأشقاء العرب ليست شعارًا، بل أداة عملية لضمان السيادة وحماية الشعوب وصون العدالة الدولية.
إن الرد الحاسم اليوم هو الضمان الوحيد لمنع أي استغلال للتحديات الإقليمية، وترسيخ العدالة، وحماية الأمن المشترك. فاللحظة الراهنة تتطلب وحدة عربية فعلية وإجراءات عملية تتجاوز الخطاب، وتحويل الإرادة إلى قوة قادرة على الردع وحماية الحقوق المشروعة للشعوب والأوطان.