من أسوأ ما يقتل روح العمل أن يظهر من ينسب الإنجاز الى نفسه، وهو لم يقم بأي عمل، ذلك لا يعد قيادة بل إنتحالاً (سرقة) لجهود الأخرين، وإساءة معنوية تفسد بيئة فريق العمل، وتزرع الإحباط وتُفرغ العمل من قيمته.

المسؤول الحقيقي والمهني لا يخشى أن يَرفع من حوله، ولا يستصغر أدوارهم، بل يَعترف بكل جهد ويحتفي بكل من ساهم بالإنجاز والتطوير. والإنجاز الحقيقي لا يقاس باللقب أو بالمكانة، بل بالقدرة على الجمع بين رؤية واضحة ومهارة في التنفيذ، وتقدير لكل من ساهم في تحقيق الهدف. حين يتم تجاهل صاحب الإنجاز تصبح النتائج مجرد واجهة، تظهر للعيان ولكنها فارغة من القيمة الجوهرية، فالجهود الفردية مهما بلغت لا يمكن أن تُستثمر بالكامل إذا لم يُعترف بها أو إذا أعيد تسميتها باسم آخر.

ومن بين مظاهر الخلل عند البعض أن يظهر من يمتلك فضولًا دائماً تجاه تفاصيل العمل، ويطرح الاسئلة دون توقف، لكنه لا يضيف شيئاً، ولا يبادر بإفكار، ولا يحمل روح التطوير، هذا النوع يستهلك طاقة فريق كامل دون أن يغذيها بمعلومة، ويظل مشغولاً بالمراقبة والتقييم، لا بالمساهمة والبناء والتطوير.

فالفضول وحده لا يصنع أثراً، إن لم يقترن بالرغبة في التعلم والقدرة على التطوير ، والاستعداد لتحمل المسؤولية.

الادارة الناجحة تقيس نفسها بقدرتها على الجمع بين الانجاز والإنصاف، ليست مجرد إصدار قرارات أو تحقيق أهداف مؤقتة، بل هي مسؤولية أخلاقية قبل أن تكون عملية، إنجاز يُكتب باسم شخص واحد بينما قام فريق كامل بصنعه، لا يظهر قوة، بل ضعفاً في القيادة والرؤية.

الإدارة الناجحة تعرف أن القيمة الحقيقية للإنجاز لا تكمن في ما يُعرض على الإعلام أو التقارير، بل في القدرة على تحقيق أثر ملموس مع إحترام الجهود الحقيقية لكل من ساهم، والمسؤول الحقيقي يلهم، يطور، ويمهد الطريق ليصبح كل فرد قادراً على الإنجاز الذي يبنى على الصدق والشفافية، يعيش في الذاكرة طويلاً، والاعتراف بفضل الاخرين لا يقلل من قيمة أحد، بل يرفع الجميع ،ويزرع في النفوس طاقة أكبر للعطاء.

في النهاية، الإنجاز الذي يبنى على جهود الآخرين بدون تقدير أو إعتراف، قد يبدو فخراً على الورق، لكنه هش في الواقع، النجاح الحقيقي هو الذي يدمج الجهد الفردي مع العدالة والإنصاف، ويترجم العمل الجماعي الى قيمة حقيقية ملموسة، لا تمحى بالانانية أو التزييف الإداري.