نتنياهو في الأمم المتحدة والبيت الأبيض
حسين بني هاني
26-09-2025 07:46 PM
بدا في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ، كمن يتخبطه الشيطآن من المس ، تارة يشير لإيران ، واخرى لحماس وحزب الله ، يزبد ويرعد ويهدد ، ويبسط كلماته وينشرها على خيط رفيع ، يكاد بصعوبة أن يفصل بها بين جنّة حكومته ، وما يفعله من قتلٍ ودمار في غزة ، تلك الابادة ، التي جاءت به اليوم بنظر العالم ، إلى الأمم المتحدة، على ما يبدو ،ليبرر تفاصيلها ويدافع عن مشروعيتها ، امام الجمعية العامة ، علّه يتلمّس شيئاً من حلمه التوراتي الموغل في بالخرافات ، في ظل المذبحة التي تجري هناك ، والتي لم يعد بوسع زعماء العالم غضّ الطرف عنها ، بسبب ما يفعله جيشه من وحشية بالغة وغير مسبوقة ، ملقياً باللوم على الذين اعترفوا بالدولة الفلسطينية .
لقد شاهد المتابعون وقوف نتنياهو ، على منصة الأمم المتحدة، وهو يشعر أن تحت قدميه رمال متحركة ، بعد خروج معظم مندوبي الدول من القاعة ، بفعل ما شهدته هذه المنصة ، من مداولات لصالح الفلسطينيين ، يحاول فوقها ، خلط الأفعال بالأسماء ، في ظل شعور زائد بالقوة ،يتكؤ به على حليفته الكبرى ، التي يوشك أن يدخل بيتها الابيض ، للمرة الرابعة في العهد الجديد للرئيس ترامب ، وهو ممعن بتجاهل الأسس التي تحكم موقعه السياسي ، وهو يُقبِلُ على مصادمات مع دول العالم ، يعلم أنها سوف تكون من العيار الثقيل له ، ولمصالح واشنطن معاً ، محدثاً لاسرائيل عزلة دولية واسعة هذه المرة ، بعد أن سبقه ترامب بمعارضة ضم الضفة الغربية ، تلك المعارضة التي رحّب بها زعماء اوروبا ، وأغاضته شخصياً ، ومعه كل المتطرفين في حكومته .
أكثر ما يقلق نتنياهو في هذه المرحلة ، هو بروز أي خلاف جوهري ، مع الرئيس ترامب يتعلق بمستقبل الضفة الغربية وغزة ، والذي لازال الاخير يمسك به بقوة ، كي لا تسقط حكومته إذا ما انفضّ عنه المتطرفون ، وهو يشاهد ( أي ترامب) تسارع المبادرة الفرنسية السعودية ، للاعتراف بالدولة الفلسطينية .
ترامب كان يعلم أن جزءاً كبيراً من خطاب نتنياهو ، في المنظمة الدولية ، سيكون مكرسا لأغراضٍ سياسية اسرائيلية داخلية ، تحول دون تفتت ائتلافه الهش ، ولكن نتنياهو يعلم بالمقابل أنه سوف يسمع من ترامب ، يوم الاثنين القادم ، تلك النصائح التي سمعها من الزعماء العرب والمسلمين ، الذين التقاهم مؤخراً في البيت الأبيض ، ولكن على شكل مطالب هذه المرة ، خاصة بعد أن خرج بعضهم (اردوغان) غريم نتنياهو العنيد ، مشيدا بما قاله ترامب لهم .
اظن أن كل ما يريده نتنياهو من ترامب في هذه المرحلة ، هو إقناعه بالتريّث قليلاً حتى يتمكن من احتلال غزة ، وطرد حماس ، وهو الأمر الذي يبدو أن ترامب ، قد لمس إمكانية تنفيذه ، بعد اللقاء الذي جمعه مع بعض المسؤولين العرب والمسلمين ، عبر المفاوضات وليس الحرب ، ودون إراقة المزيد من الدماء ، ذلك اللقاء الذي تأكد ترامب من خلاله ، أن من التقى بهم ، ومعهم الدول العربية والغربية ، يريدون إزاحة حماس عن السلطة في غزة ، اليوم قبل الغد ، واستبدالها بقيادة مدنية ، وهو الأمر الذي لوّح به نتنياهو في خطابه ، وبدأ يحتسب له ، في لقائه المنتظر مع الرئيس ترامب .
الاثنين المقبل ، سيشكل لحظة حاسمة ، بالنسبة لنتنياهو وهو يقابل الزعيم الامريكي ، ذلك الرئيس الذي أخذ يدرك جيداً ، بوصفه رجل أعمال ، أن الفرصة حين تأتي ،يجب اغتنامها ، خاصة بعد أن بدأ يلاحظ ، أن نتنياهو يخلط الكذب بالمماطلة ، كي يحافظ على بقائه في منصبه ، وإلقاء اللوم على الآخرين .