facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




المغرب وتحركاته الدبلوماسية في الأمم المتحدة: قراءة في ملف الصحراء


د. آمال جبور
30-09-2025 11:46 AM

في نيويورك، وعلى هامش الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة، كثّف وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة تحركاته الدبلوماسية لتثبيت موقف بلاده في ملف الصحراء، مستفيداً من المناخ الدولي الداعم للمبادرة المغربية من جهة، ومن التوقيت المواكب لتقديم المبعوث الشخصي للأمين العام، ستافان دي ميستورا، تقريره أمام مجلس الأمن خلال شهر أكتوبر القادم من جهة أخرى.

من أبرز هذه التحركات لقاء بوريطة مع المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا، الذي حرص الإعلام المغربي على تسميته "جلسة عمل" بدلاً من "مباحثات". هذا التوصيف، برأيي، يعكس قناعة الرباط بأن الملف تجاوز مرحلة تبادل المواقف والدخول في نقاشات عامة، وانتقل فعلياً إلى خطوات عملية تستند إلى مبادرة الحكم الذاتي، خاصة مع تزايد الاعتراف الدولي بها.

وعليه فإن توقيت هذا اللقاء جاء لتعزيز الرسالة المغربية بشكل استباقي قبل أي نقاش في مجلس الأمن، حيث انتقلت الرباط من منطق الدفاع إلى منطق ترسيخ المكتسبات، في وقت تحصد فيه دعما دوليا لمبادرتها، مركزة على جعل هذا الإطار المرجعية الأساسية للنقاش حول نزاع الصحراء.

وبناءً على ذلك ، يمكن تفسير الثقة المغربية الراهنة في موقفها، الذي تستند فيه الى شبكة اعترافات دولية تجاوزت 120 دولة، والى دعم أمريكي وانضمام ثلاث دول دائمة العضوية في مجلس الأمن( الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطاني) إضافة إلى توظيف المتغيرات الإقليمية والدولية لصالح قضيتها الوطنية.

ومن هذا المنطلق، يمكن قراءة الرسالة المغربية في ثلاثة اتجاهات: التأكيد للأمم المتحدة على الانخراط في العملية السياسية ضمن حدود واضحة، توجيه رسالة إلى الأطراف الأخرى بعدم قبول أي حل خارج اطار الحكم الذاتي، وإبراز إدارة الملف بطريقة منظمة امام الرأي العام داخلياً وخارجياً.

واللافت ايضا في هذه التحركات وتوقيت اللقاءات، إعلان واشنطن على لسان نائب وزير خارجيتها كريستوفر لانداو، تشجيع الاستثمارات الأمريكية في الأقاليم الجنوبية للمملكة، في ترجمة عملية لموقفها الداعم لسيادة المغرب على الصحراء.

برأيي، ما أعلنته واشنطن يتجاوز المصالح الاقتصادية ليحمل إشارة سياسية الى أن النزاع يقترب من نهايته لصالح المغرب، بما يضمن استقرار الاقليم والمضي في مشاريع عملية، تحقق لامريكيا مصالحها على الواجهة الاطلسية والمتوسطية وفي العمق الافريقي الذي يشهد تحولات عميقة بعد تراجع النفوذ الفرنسي وصعود الصين روسيا.

ويزيد من وضوح هذه الرسالة ما نشره مسعد بولس، مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون إفريقيا، على حسابه في منصة "إكس" قبل أيام، حيث أكد" أن واشنطن تتطلع إلى تسريع المسار السياسي بما يخدم الاستقرار الإقليمي ويضمن مصالح الطرفين"

وعليه، فإن القراءة المنطقية لتصريحات المسؤولين الأمريكيين حول الاستثمارات ليست مجرد كلام، بل رسالة تؤكد أن الحكم الذاتي لم يعد مجرد فكرة تفاوضية فحسب، بل خياراً واقعياً يتهيأ للتنفيذ. وهكذا تصبح الاستثمارات أداة عملية تدعم الموقف السياسي للمغرب وتبني منصة اقتصادية تعزز حضوره في إفريقيا.

على ما يبدو، فإن تحويل الدعم الأمريكي إلى استثمارات في الأقاليم الجنوبية، ولقاءات بوريطة مع دول الساحل وروسيا وإسبانيا والولايات المتحدة وغيرها من الدول ، يعكس مسارا متكاملا يجمع بين السياسة والاقتصاد. هذه الاستراتيجية، القائمة على ربط مبادرة الحكم الذاتي بالتعاون الإقليمي والتنمية، تسعى إلى تثبيت المكاسب المغربية استعداداً لقرار مجلس الأمن المرتقب خلال شهر اكتوبر القادم، بما يظهر قدرة الرباط على إدارة الملف بوعي ومنهجية وسط المتغيرات الدولية.

في الخلاصة، توضح قراءة الحراك في نيويورك أن المغرب يسعى إلى إدارة ملف الصحراء بطريقة تجمع بين السياسة، والاقتصاد، والدبلوماسية الإقليمية والدولية. فاختيار التوقيت، وتسميات اللقاءات، والتحركات المتوازية مع شركاء دوليين، كلها تشير إلى استراتيجية مغربية تستهدف ترسيخ المكتسبات وتحويل المبادرة للحكم الذاتي من فكرة تفاوضية إلى حل وحيد قابل للتنفيذ. وفي الوقت ذاته، تبقى عدة أسئلة مفتوحة حول مدى استجابة الأطراف الأخرى للنهج المغربي، وإمكانات تعزيز الاستقرار الإقليمي من خلال ربط السياسة بالتنمية الاقتصادية. و هذا يجعل ملف الصحراء، حتى مع التقدم الملحوظ، ساحة دبلوماسية حية تتطلب متابعة دقيقة لفهم دينامياتها المستقبلية، وانعكاساته على مكانة المغرب كشريك وفاعل استراتيجي في الاقليم والعمق الافريقي.

* كاتبة وصحفية أردنية





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :