facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ماذا بعد قرار وزارة الأوقاف؟


محمد حسن المومني
15-10-2025 11:26 PM

لطالما طالبت إلى ضرورة توحيد المرجعية الفكرية الدينية، بما ينسجم مع نهج الإسلام الوسطي المعتدل الذي تتبناه الدولة وتسوقه للعالم.

فالفكر الديني، كونه عامل بناء واستقرار، يجب أن يصدر عن منبع واحد صاف لا تشوبه الاجتهادات الشاذة ولا الرؤى المنغلقة التي تضعف ثقة الناس بأنفسهم وبالمؤسسة الدينية الوطنية.

وفي هذا السياق، جاء قرار وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الدكتور محمد الخلايلة بإغلاق مركز الإمام الألباني للدراسات والأبحاث قرارا حكيما وشجاعا، يعكس وعي الدولة العميق بمسؤوليتها تجاه حماية المنظومة الفكرية الدينية من أي انحراف عن مسارها الوسطي المعتدل.

فالقرار لم يكن رد فعل أو استجابة ظرفية، بل فعل مؤسسي رصين يستند إلى القانون ويعبر عن نضج في إدارة الشأن الديني، وحرص على أن تبقى منابر الفكر والدعوة تحت مظلة الدولة وثوابتها الوطنية.

لقد أعاد الوزير بهذا القرار التأكيد على أن الوسطية ليست شعارا بل ممارسة عملية، وأن الدولة الأردنية، بوعيها وثباتها، لن تسمح بأن يتحول الخطاب الديني إلى ساحة تنازع فكري ومنبر لتمزيق النسيج الاجتماعي الأردني، أو التشويش على الثوابت الوطنية.

وهنا تبرز شجاعة القرار وعمقه؛ فهو لم يغلق باب الاجتهاد الفكري، بل أغلق باب الفوضى، وفتح في المقابل أفقا أرحب للخطاب الديني المسؤول القائم على الحكمة والعقلانية والفكر المنفتح على روح العصر.

وفي قراءة لهذا القرار، أرى أنه يخدم المجتمع الأردني بشكل خاص، لأنه ينقله من فضاء فكري حاول في مراحل سابقة نمذجة الحاضر ضمن إطار أحادي إقصائي لا يستوعب التعدد والاجتهاد المشروع، إلى فضاء أكثر انفتاحا وتنوعا وتفاعلا مع الواقع.

فالاعتدال لا يعني الذوبان أو التفريط، كما أن التعدد يرتقي بالوعي ويمنح فضاء أوسع للفكر، وهذه المعادلة الدقيقة هي التي يسعى القرار إلى ترسيخها في الوعي الجمعي من خلال إعادة ضبط المرجعية الدينية وتوجيهها نحو الاعتدال الفكري الواعي.

وما يميز هذا القرار أنه جاء في توقيت مثالي، يعيد ترسيخ الثقة بالمؤسسة الدينية الرسمية، ويؤكد أن المرجعية الدينية في الأردن واحدة وواضحة، تستمد مشروعيتها من ثوابت الدولة ورسالتها الحضارية، لا من اجتهادات فردية أو مدارس فكرية لها مرجعياتها الخاصة بها.

إن الأردن، بقيادته الهاشمية، كان وما زال منارة تضيء درب الإسلام المعتدل الذي يجمع ولا يفرق، يبني ولا يهدم، ويرسخ قيم الدين الحنيف في التسامح والرحمة.
والوزير الخلايلة، بقراره هذا، عبر عن روح الدولة وهيبتها الفكرية، وأثبت أن الحزم حين يكون في خدمة الاعتدال، يصبح مطلبا لزرع فضيلة لا مغامرة.

لقد آن الأوان أن يفهم الجميع أن الدين في الأردن شأن وطني سيادي، وأن صيانته من الفكر الأحادي المنغلق هي مسؤولية وطنية، لا تقل أهمية عن حماية الحدود والسيادة السياسية.

ومن هنا، فإن هذا القرار يشكل علامة مضيئة فارقة في مسار الإصلاح الديني الأردني، ومؤشرا على أن الدولة تمضي بخطى ثابتة في ترسيخ نموذجها الفريد في العالم؛ نموذج الإسلام الوطني العاقل، الذي يجمع بين الأصالة والفكر المنفتح على روح العصر.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :