facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




إجابة على مقال «العملاء والجواسيس»


الدكتور زيد احمد المحيسن
25-10-2025 09:06 AM

تساءل الصديق العزيز محمد الصبيحي، القانوني والكاتب المتأمل، سؤالًا يتجاوز حدود السياسة إلى عمق الفلسفة والوجدان، في مقاله المنشور بتاريخ 24-10-2025 في موقع عمون الإخباري، تحت عنوان «العملاء والجواسيس».

واختتم مقاله بتساؤلٍ لافتٍ:

هل يوجد عملاء فكرٍ وعقائد؟

ومن خلال مطالعاتي المتواضعة، ومحاولتي الحفر بين المفاهيم والكتب والمصطلحات، أحاول أن أُدلي بدلوي في الإجابة على سؤاله المنطقي.

وسؤاله، وإن بدا بسيطًا في ظاهره، إلا أنه يوقظ في الذهن أسئلة كثيرة، ويهزّ جدار المسلّمات التي ألفناها، ويدعونا إلى مراجعة كبرى لمفاهيم الولاء والانتماء والوعي.

الفكر في أصله ليس تهمة، والعقيدة ليست سلاحًا، لكن التاريخ علّمنا أن كليهما يمكن أن يُستعملا في معارك لا تُرى فيها البنادق، بل تُشهر فيها الكلمات والمفاهيم والشعارات.

فكم من فكرٍ تقدَّم إلينا في ثوب التنوير، فإذا به يحمل مشروعًا لطمس الذاكرة!

وكم من عقيدةٍ رُفعت باسم الخلاص، فإذا بها تقيم حول الإنسان أسوارًا من العبودية!

هنا يتجلى معنى «العميل الفكري»، ذاك الذي يُسلِّم عقله لغيره، ويعمل على تفكيك وعي مجتمعه، لا بدافع الإصلاح أو النقد، بل خدمةً لمصالح تُصاغ في أماكن بعيدة عنه، تُغريه ببريق الحداثة والتقدّم، بينما هي في جوهرها تسعى إلى إعادة تشكيل العقول على مقاس الهيمنة.

أما «العميل العقائدي»، فهو أشد خطرًا، لأن العقيدة تمسّ القلب قبل الفكر. إنه الذي يتخذ من الدين سلّمًا إلى السلطة، أو وسيلةً للفرقة. يتحدث بلسان الإيمان، لكنه يُحرّك الناس بيد المصلحة. لا يدعو إلى الله بصدق، بل إلى الجهة التي تموّله، ولا ينشر الحق خالصًا، بل الرواية التي تخدم أجندته.

ومع ذلك، لا يجوز أن نخلط بين الداعية المخلص الذي يقدّم فكرًا أو عقيدةً بإيمانٍ نقي، وبين المروّج المرتزق الذي يحوّل الفكرة إلى سلعة تُباع وتُشترى.

ليس الخطر في أن نتبنى فكرًا من خارج حدودنا الجغرافية، ولا في أن نقرأ لعقائد أخرى، فالعقل الإنساني لا يعرف الحدود.

الخطر يبدأ حين يتحول الفكر إلى ولاءٍ غير معلن، وحين تصبح العقيدة أداةَ اصطفافٍ بدل أن تكون طريقَ خلاص.

العميل الفكري والعقائدي هو الذي يبيع وعيه باسم الحرية، ويهاجم هويته باسم التنوير، ويخدم خصومه باسم الإنسانية.

إجابتي، يا صديقي محمد، هي أن نعم، يوجد عملاء فكرٍ وعقائد، لكنهم لا يأتون ببطاقات تعريف، ولا يحملون أوامر مكتوبة. إنهم بيننا، في الإعلام، في التعليم، في الخطاب الديني والفكري، ينسجون شبكتهم بخيوطٍ من الكلمات البراقة.

ومع ذلك، لا خوف على أمةٍ تقرأ وتفكر وتسأل، لأن الوعي حين يستيقظ يُسقط كل عميل، أيًّا كان فكره أو عقيدته.واسلم لاخيك.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :