كتب نائب وزير الاستثمار والصناعة والتجارة في جمهورية أوزبكستان شوخرخ غولاموف:

في السنوات الأخيرة، اكتسب التعاون بين جمهورية أوزبكستان ودولة قطر بعداً ديناميكياً واستراتيجياً، يشمل قطاعات التجارة والاستثمار والطاقة والبنية التحتية والقطاعات الإنسانية. يُبنى الحوار بين البلدين على الثقة المتبادلة والمصالح المشتركة الهادفة إلى تنويع اقتصاديهما، وتعزيز مواقعهما في الأسواق العالمية، وضمان التنمية المستدامة.

أساس قانوني ومؤسسي قوي

يستند أساس الشراكة بين أوزبكستان وقطر إلى إطار قانوني متين. تشكل الاتفاقيات الحكومية الدولية الرئيسية - بما في ذلك اتفاقية الدوحة لعام 2010 بشأن التعاون التجاري والاقتصادي والفني، واتفاقيات سمرقند لعام 2023 بشأن الحماية المتبادلة وتعزيز الاستثمارات، وتجنب الازدواج الضريبي، والتعاون الجمركي - أساساً متيناً لمرحلة جديدة من التفاعل.

لا تقل أهمية عن ذلك مذكرات التفاهم والاتفاقيات بين المؤسسات القطاعية: مذكرة التفاهم بين وزارة الاستثمار والصناعة والتجارة في أوزبكستان ووزارة التجارة والصناعة في قطر؛ اتفاقية التعاون بين صندوق إعادة الإعمار والتنمية في أوزبكستان وقطر القابضة؛ بالإضافة إلى الترتيبات مع قطر للبترول الدولية ونبراس باور في قطاع الطاقة.

تُنشئ هذه الوثائق الأرضية القانونية والمؤسسية لتعميق التعاون، وإنشاء مجلس أعمال مشترك، وتعزيز دور غرف التجارة والصناعة في كلا البلدين.

التعاون التجاري والاقتصادي

أقامت أوزبكستان وقطر نظام تجارة الأمة الأكثر رعاية. في الأشهر التسعة الأولى من عام 2025، ارتفع حجم التجارة بنسبة 45% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، بينما نمت صادرات أوزبكستان أكثر من 2.7 مرات.

تتكون صادرات أوزبكستان بشكل أساسي من السلع الصناعية (48%)، والخدمات (33%)، والوقود المعدني (12%). أما الواردات من قطر فتتكون بشكل رئيسي من المنتجات الكيميائية والمواد الخام المعدنية، مما يعكس إمكانيات كبيرة لتنويع الإمدادات وتعميق التعاون في الصناعات التحويلية والتكنولوجيا المتقدمة.

الشراكة الاستثمارية: التركيز على الطاقة الخضراء والابتكار

برزت قطر كواحدة من الشركاء ذوي الأولوية لأوزبكستان في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر. عقب زيارات عام 2023 لصاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير قطر، إلى سمرقند، والرئيس شوكت ميرزيوييف إلى الدوحة، اتفق الجانبان على تنفيذ مشاريع واسعة النطاق في قطاعات الطاقة والكيماويات الغازية واللوجستيات والزراعة وتكنولوجيا المعلومات والسياحة.

بحلول عام 2025، تم تشكيل محفظة استثمارية تضم 28 مشروعاً بقيمة إجمالية قدرها 7.6 مليار دولار، بما في ذلك 2.1 مليار دولار في مبادرات الطاقة تشارك فيها نبراس باور، بالإضافة إلى مشاريع البنية التحتية في النقل والرعاية الصحية والتنمية الرقمية.

تُبدي الشركات القطرية اهتماماً خاصاً بتطوير مراكز اللوجستيات ومحطات التصدير والمناطق الصناعية - خاصة داخل المناطق الاقتصادية الحرة في أوزبكستان. تعكس المشاريع المشتركة في الطاقة المتجددة التزام البلدين المشترك بالنمو المستدام والانتقال الأخضر.

الحوار المؤسسي وتوسيع الآفاق

تلعب اللجنة الحكومية الدولية للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي-التقني دوراً حيوياً في تسهيل العلاقات الثنائية. أعطت جلساتها لعامي 2024 و2025 زخماً قوياً للتنفيذ العملي للمبادرات المتفق عليها.

تمكن الاتصالات المنتظمة بين الوزارات ومجالس الأعمال والجمعيات الصناعية من تعزيز المشاريع الجديدة بشكل منهجي وتفاعل مباشر بين مجتمعات الأعمال في كلا البلدين.

النظر إلى الأمام

تدخل أوزبكستان وقطر مرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية، حيث تُكمل المجالات التقليدية للتعاون بشكل متزايد بالابتكار والتكنولوجيا.
يكمن تقاطع المصالح الرئيسي في الطموح المتبادل لبناء اقتصادات الجيل القادم - متنوعة ومستدامة ومدفوعة بالابتكار. بالنسبة لقطر، في إطار رؤية قطر الوطنية 2030، تشمل الأولويات تطوير القطاعات غير المواردية والتكنولوجيات الخضراء ورأس المال البشري. أما أوزبكستان، في تنفيذ استراتيجية أوزبكستان 2030، فتؤكد على التصنيع والرقمنة وإزالة الكربون وتوسيع القطاع الخاص. توفر هذه الرؤى الاستراتيجية أساساً طبيعياً للتآزر وتبادل المعرفة.

مجالات التعاون الواعدة

• الطاقة وتكنولوجيات الهيدروجين: يستكشف الجانبان مشاريع مشتركة للطاقة الشمسية والرياح. تقدم قطر خبرة قوية في الغاز الطبيعي المسال والبنية التحتية للطاقة، بينما توفر أوزبكستان إمكانيات الموارد والظروف المناخية الملائمة للطاقة المتجددة.

• النقل واللوجستيات: يوفر ربط ممرات النقل في آسيا الوسطى والخليج فرصاً لإنشاء ممر "أوزبكستان–بحر قزوين–الخليج" كجزء من الربط العالمي شرق-غرب.

• الصناعة الزراعية وأمن الغذاء: مع الطلب المتزايد في قطر على الواردات الزراعية وقوة أوزبكستان التكنولوجية في التحويل والري والتربية النباتية، هناك آفاق واعدة لشراكات زراعية مستدامة، بما في ذلك مجمعات الدفيئات ومشاريع الإنتاج الغذائي المشتركة.

• تكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمي: تهتم صناديق الاستثمار القطرية بتجمعات تكنولوجيا المعلومات ونظم الشركات الناشئة في أوزبكستان، التي توفر بيئة تنظيمية ملائمة ورأس مال بشري قوي. يمكن أن تصبح المشاريع المشتركة في التكنولوجيا المالية والأمن السيبراني والمدن الذكية محركات نمو جديدة.

• الرعاية الصحية والتعليم والسياحة: يبني التعاون في هذه المجالات الإنسانية جسراً بين الشعبين. إنشاء مراكز طبية بمشاركة قطرية، والتبادلات الأكاديمية، وتطوير السياحة الإسلامية والبيئية يضيف بعداً إنسانياً للعلاقات الثنائية.

• التعاون المالي: يجري حوار مستمر لإشراك الصناديق والبنوك القطرية في تمويل مشاريع البنية التحتية والتصدير في أوزبكستان، بالإضافة إلى نشر أدوات التمويل الإسلامي (الصكوك، الاستصناع، الإجارة) ضمن المبادرات الخضراء والاجتماعية. تشكل هذه المجالات معاً هندسة جديدة للتفاعل بين أوزبكستان وقطر - تتحول التركيز من التجارة نحو الاستثمار المستدام والإنتاج المشترك والاندماج في سلاسل القيمة العالمية.

وبالتالي، تقف الشراكة بين أوزبكستان وقطر كنموذج للتعاون المعاصر بين آسيا الوسطى والشرق الأوسط - عملي ومدفوع بالتكنولوجيا ومتبادل المنفعة. إنها مبنية ليس على مصالح ظرفية بل على استراتيجية طويلة الأمد مدروسة، حيث يهدف الجانبان إلى تحويل الإمكانيات الجيو-اقتصادية للمنطقة إلى أدوات ملموسة للنمو والازدهار.