تتحرك الحكومة في الميدان بنشاط ملحوظ، زيارات متكررة وتصريحات حول دعم المحافظات وتحريك عجلة التنمية. المشهد يوحي بأن السلطة التنفيذية في سباق لإستعادة ثقة الشارع وإظهار حضورها، لكن السؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح:- أين الأثر الاقتصادي الملموس بعد حوالي 1000 قرار لمجلس الوزراء خلال عام من تشكيل هذه الحكومة؟ منها 41 قرار اقتصادي تهدف إلى تحفيز الاقتصاد والإستثمار، واختتام سلسلة جلسات العمل القطاعية لإعداد البرنامج التنفيذي الثاني لرؤية التحديث الاقتصادي بمشاركة واسعة بلغت 674 مشاركا من كافة القطاعات؛ لكن ومع كل هذا ما زال الاقتصاد في غرفة الإنتظار!!
التقارير الأخيرة للبنك الدولي لعام 2025 تؤكد هذا الواقع: فقد وافق البنك على تمويل جديد بقيمة حوالي 1.1 مليار دولار لدعم الأردن في إصلاحات اقتصادية وتعزيز القطاع الخاص، وخلق فرص عمل وتشجيع الابتكار.
ويشير التقرير إلى أن معدل النمو الاقتصادي للأردن لعام 2023 بلغ نحو 2.7٪، مع تراجع العجز المالي إلى حوالي 5.1٪ من الناتج المحلي الإجمالي، بينما ما زال معدل البطالة مرتفعا عند 19.3٪، التضخم رغم تراجعه عن ذروته، فما زال يمثل عبئاً على القدرة الشرائية للمواطنين، في حين يركز التمويل الجديد على دعم الابتكار والتحول الرقمي لتحفيز الاقتصاد، وإعادة الثقة إلى السوق المحلي.
غير أن البنك الدولي يحذر من أن هذه التمويلات لن تحقق أثرا فعليا إلا مع تنفيذ إصلاحات هيكلية حقيقية، تشمل تقليص البيروقراطية، وتحسين بيئة الأعمال وتعزيز الشفافية. وهي نفس التوصيات التي تؤكد على ضرورة أن يتحول الحراك الميداني للحكومة إلى نتائج ملموسة على الأرض، لا أن يبقى استعراضا إداريا بلا أثر اقتصادي حقيقي.
الشارع الأردني لا يطلب المستحيل، بل يريد أن يرى فرقا بين الخطاب والنتيجة: نمو اقتصادي مستدام، واستثمارات حقيقية وفرص عمل ملموسة. الصور الميدانية لا تصنع ازدهارا، والاقتصاد لا يتحرك بالكاميرات، بل بالقرارات الجريئة التي تفتح الطريق أمام المستثمرين وتعيد الثقة إلى السوق المحلي.
خلاصة القول فإن أمام الحكومة اليوم خياران لا ثالث لهما:-
إما تحويل هذا الحراك الميداني إلى نتائج اقتصادية حقيقية تُعيد للمواطن ثقته وتنعش السوق، أو أن يتحول الميدان إلى استعراض إداري بلا أثر إنتاجي نهدر فيه الوقت والجهد.
فالأردنيون قد تعبوا من الكلام، ويبحثون عن الفعل في الميدان، والتاريخ لا يذكر إلا مَن غيّر وجه ذاك الميدان.