في خطوة نوعية تعكس رؤية الأردن الطموحة نحو تخطيط حضري مستدام ومتوازن، أنهت المؤسسة العامة للإسكان والتطوير الحضري دراسة علمية متكاملة استغرقت ثلاث سنوات متواصلة، لوضع معايير وأُسس لإنشاء مدن المستقبل، في إنجاز وطني رائد يعكس عمق التفكير الاستراتيجي في بناء مدنٍ قادرة على مواكبة التحولات الاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية القادمة.

وقد عقدت جلسة تحكيم خاصة لمناقشة المسودة النهائية لهذه الدراسة الرائدة، بناءً على دعوة من المهندسة جمانا العطيات، مدير عام المؤسسة العامة للإسكان والتطوير الحضري، وبمشاركة الدكتور كامل محادين، والمهندس شادي المجالي، رئيس مجلس مفوضي سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، إلى جانب فريق الدراسة في المؤسسة، الذين قدموا عرضًا شاملًا لمراحل إعداد المعايير والرؤية المتكاملة التي انبثقت عنها.

ناقش المشاركون خلال الجلسة الأبعاد التخطيطية والاجتماعية والبيئية التي تضمنتها الدراسة، والتي تسعى إلى رسم ملامح مدن للمستقبل أردنية ذكية، خضراء، شاملة، وصديقة للإنسان، تجمع بين الأصالة والمعاصرة، وتستجيب لاحتياجات الأجيال القادمة في السكن والنقل والبيئة والمعيشة الكريمة. كما تناولت الدراسة محاور مهمة تتعلق بالبنية التحتية، والإدارة الحضرية، والابتكار في التصميم العمراني، بما ينسجم مع أهداف التنمية المستدامة ورؤية الأردن 2030.

ويمكن القول إن هذه الدراسة القيمة ستمثل نقطة انطلاق نحو اختيار نموذج تطبيقي في بعض المدن أو القرى الأردنية، ليكون النواة الأولى لمدن نموذجية صديقة للإنسان او بكل معنى الصداقة، مدنٍ تُبنى بروح الانتماء، وتُدار بعقلية الإبداع، وتُصمم لتمنح الإنسان جودة حياة وكرامة مكان.

إن مدن المستقبل ليست حلماً بعيداً، بل مشروع وطني يتبلور اليوم بإرادة وعقول أردنية مبدعة، لتصبح غدًا واقعًا ينهض بالإنسان الأردني ويحافظ على توازنه مع البيئة والمكان والزمان.