facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الترند الفرعوني


عاطف أبوحجر
05-11-2025 01:15 PM

يبدو أن الفراعنة لم يعودوا من باطن الأرض، بل من باطن الإنترنت. فبين ليلةٍ وضحاها، امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بصورٍ لملوكٍ وملكاتٍ جدد، لا يحملون صولجان الحكم، بل هاتفًا بكاميرا ذكاءٍ اصطناعيٍّ خارق، قادرٍ على تحويل أيّ مواطنٍ بسيط إلى "رمسيس الرابع عشر" خلال ثوانٍ معدودة. لقد أصبح الترند الفرعوني أحدث صيحةٍ رقمية، لا تحتاج إلى "سجلٍّ فرعونيٍّ" لتكتب اسمك فيه، بل إلى تطبيقٍ يضعك على عرش النيل الافتراضي.

نصفُ الشعب العربي تقريبًا ظهر في الأيام الأخيرة مرتديًا الزيَّ الفرعوني في صوره المنشورة بواسطة الذكاء الاصطناعي، وكأنهم ملوك وملكات مصر القديمة. ترى الموظف الذي كان بالأمس يشتكي من الراتب، اليوم جالسًا على عرشه الذهبي بجانب نمرٍ متأمل، ينظر إلى الأفق وكأنه يخطط لغزوةٍ جديدة.

أما ربّات البيوت، فقد تحوّلن إلى "كليوبترا" بنسخة فلتر الجمال، و"نفرتيتي" بنظرةٍ غامضة تشبه منشور “صباح الخير”، ولكن من ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد.

ولأن الترند لا يكتمل دون لمسةٍ من الخيال الجامح، ترى البعض بجانب نمرٍ أو أسدٍ، وكأنهم في إعلانٍ لسيرك أو فيلم مغامرات. أحدهم يبتسم للأسد بثقةٍ مصطنعة، وآخر يضع يده على كتف النمر كأنه صديقه من أيام المدرسة. المشهد برمّته يبدو كأن "ملكة الفراعنة" افتتحت معرضًا جديدًا للموضة اسمه: "كليوباترا آند فريندز".

في الواقع، ما يحدث ليس مجرد حبٍّ للحضارة المصرية — التي هي فخر الأمة بلا شك — بل هو مزيجٌ طريف من الغرور الرقمي وحب الظهور الحضاري. وكأن الشعوب العربية اتفقت فجأة على العودة إلى الجذور، ولكن عبر تطبيقٍ مدفوع الاشتراك.

ويبقى السؤال الذي يفرض نفسه بجرأةٍ فرعونية:
هل هذا مهرجانٌ فرعونيٌّ أم حملةٌ انتخابيةٌ لتوت عنخ آمون؟
هل نحن أمام صحوةٍ حضاريةٍ حقيقية أم أمام فلترٍ جديدٍ في زمن السوشيال ميديا؟

وكما أن هناك ترند الفراعنة، فأنا من هنا أعلن رسميًا إطلاق ترند أجدادنا الأنباط. لا نريد أهراماتٍ ولا مومياوات، فنحن لدينا مدينةٌ منحوتةٌ بالصخر بدقةٍ تجعل أي مهندسٍ يبكي من الغيرة. تخيّل لو عاش الأنباط في زمننا هذا، لتحولت المدينة الوردية إلى "مول البتراء" تُباع فيه التذاكر عبر تطبيقٍ خاص، وأنظمة الريّ تعمل بالواي فاي، والنقوش على الصخور تتحول إلى شعاراتٍ تجاريةٍ لحملاتهم التسويقية. كانوا فعلاً أوائل روّاد الأعمال قبل اختراع كلمة "ستارت أب".

في كل الأحوال، يبدو أن الذكاء الاصطناعي قد منحنا فرصةً لنعيش مجدنا القديم — ولو على شاشة الهاتف — قبل أن يعود الفراعنة الحقيقيون ويسألوننا بدهشة:

"من الذي سمح لكم بارتداء هذا التاج؟"

وأولكم أنا!





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :