عمون - نداء عليان - مع اقتراب موسم الجمعة البيضاء والتي تصادف الجمعة الأخيرة من شهر تشرين الثاني من كل عام، ينتظر المستهلكون في الأردن فترة العروض التي تشهد تخفيضات موسمية واسعة على مختلف السلع، إذ يُقبل كثيرون على الاستفادة من الفرص الشرائية التي توفرها هذه المناسبة. ومع هذا النشاط التجاري المكثّف، تبرز الحاجة إلى رقابة فاعلة تضمن التزام المنشآت التجارية بالتشريعات الناظمة وحماية حقوق المستهلك..

عمون تواصلت مع وزارة الصناعة والتجارة، عبر الناطق باسمها ينال البرماوي، الذي أكد أن الوزارة تقوم بشكل يومي بتنفيذ رقابة على الأسواق في مختلف المحافظات، وذلك للتأكد من التزام المنشآت التجارية بأحكام قانون الصناعة والتجارة والتشريعات الأخرى الناظمة للسوق، ولمتابعة مجريات السوق المحلي من حيث الاطمئنان على وفرة السلع والمتغيرات التي قد تطرأ على أسعار السلع الأساسية.

وأوضح البرماوي لـ عمون، أن الوزارة نفذت خلال الأشهر العشرة الأولى من هذا العام أكثر من مئة وعشرين الف زيارة لمنشآت تجارية، وقد تم من خلالها ضبط حوالي 6600 مخالفة معظمها متعلقة بعدم الإعلان عن الأسعار، فيما يتعلق جزء منها بعدم الالتزام بالعروض والتخفيضات التي تعلن عنها بعض المحلات التجارية..

وأضاف أن الحملات الرقابية مكثفة، وسيكون هناك مزيد من التكثيف بالتزامن مع "الجمعة البيضاء" وقبلها، وذلك لضمان وفرة السلع والتأكد من الالتزام بما يتم الإعلان عنه من عروض وتخفيضات، مشيراً في الوقت نفسه إلى وجود دور تكاملي تقوم به الوزارة والمؤسسات ذات العلاقة لضمان جودة السلع وتحقيقها للمواصفات القياسية وسلامتها للاستهلاك المحلي.

من جانبه، أكد المحلل الاقتصادي حسام عايش لـ عمون أن الجمعة البيضاء تُعد أحد أشكال العروض الموسمية التي يحاول من خلالها التجار استقطاب المستهلكين عبر طرح مجموعة واسعة من المنتجات بأسعار يُفترض أن تكون منخفضة مقارنة بأسعارها الأساسية..

وتُعد هذه الآلية من الأدوات المهمة لزيادة النشاط التجاري والاقتصادي، وتحفيز المستهلكين على مزيد من الإنفاق، وتعويض فترات كان فيها النشاط التجاري منخفضاً، كما تُشكّل الجمعة البيضاء كذلك فرصة للتجار للتخلص من المنتجات المتوفرة لديهم، ما يمكّنهم من الحصول على مخزون جديد.

وأشار عايش إلى أن هذا التحريك للنشاط الاقتصادي يكون موضعياً ومقتصراً على الفترة الزمنية المحددة للجمعة البيضاء، وبالتالي فإن آثاره تكون قصيرة المدى.

وأضاف أن هذا النمط من العروض قد يؤثر على الحيز المالي للمستهلكين، ويقلل من الإنفاق على احتياجات أخرى في الأشهر اللاحقة، خصوصاً أن المستهلك الأردني بات يميل إلى الإنفاق الموسمي في فترات محددة.

وبيَّن أن النشاط الاقتصادي خلال هذه الفترة يكون أكبر مقارنة بالفترات السابقة، إذ يتحدث البعض عن ارتفاع في الطلب الاستهلاكي بنسبة تتراوح بين عشرين وثلاثين بالمئة، وعن خصومات تتراوح بين عشرين إلى سبعين بالمئة.

ولفت عايش إلى أن الأسر أصبحت تُخطط مسبقاً للإنفاق خلال الموسم، ما قد يؤدي أحياناً إلى الشراء الانفعالي أكثر من الشراء حسب الحاجة الفعلية، وأشار إلى أن موسم الخصومات بات مؤثراً على قرارات الشراء الاستراتيجية للأسر، حيث يتم تأجيل المشتريات إلى هذا الموسم.

كما أوضح أن المحلات الصغيرة قد تتأثر بشكل كبير بانخفاض الطلب على منتجاتها، إذ يتجه التفكير العام نحو الإنفاق الأكبر على الاحتياجات الاستراتيجية في المحلات التي تقدم تخفيضات كبيرة.

وأكد لـ عمون أن المستهلك العربي والأردني أصبح أكثر ولاءً لمن يقدّم خصومات حقيقية، بالاعتماد على بطاقات الائتمان والشراء عبر الإنترنت، ما أدى إلى ارتفاع الإنفاق الرقمي وتوسّع حجم التجارة الإلكترونية، وهذا كله يعكس تغيّراً في سلوك المستهلك خلال موسم الخصومات، وسهولة أكبر لديه في المقارنة بين المنتجات وتحديد احتياجاته، ، وهو ما حذر منه.

وختم بالقول إن الجمعة البيضاء هي وسيلة لتحفيز المستهلك على الإنفاق، لكنها لا تكفي وحدها، فالعبرة في تعزيز القدرة الشرائية للناس، ورفع معدلات الدخل، وتحفيز النمو الاقتصادي وإيجاد فرص العمل وزيادة توظيف التكنولوجيا، بما يرفع مستوى الخدمات والمنتجات ويترافق مع تحسّن تدريجي في دخول المواطنين.