مجالس الأمناء .. العمود الفقري لحوكمة الجامعات
قصي حمدان الجمال
27-11-2025 08:28 PM
تشهد الجامعات اليوم ضغوطاً متزايدة تفرض إعادة تقييم شاملة لأساليب إدارتها، وضمان قدرتها على مواكبة التغيرات السريعة في التعليم وسوق العمل. وفي قلب هذه العملية يقف عنصر واحد يمثل حجر الأساس لأي تطوير حقيقي: مجالس الأمناء فالمجلس ليس جهة استشارية فقط، بل هو العمود الفقري لحوكمة الجامعات، والضامن الأول لسلامة القرارات وفعالية الإدارة واستدامة التميز الأكاديمي.
حوكمة الجامعات تبدأ من المجلس وتنتهي عنده فالحوكمة ليست مفهوماً تجميلياً أو وثيقة تُعلق على جدار الحوكمة ممارسة يومية، ومنظومة متكاملة تضمن:
الشفافية في اتخاذ القرار
وضوح المسؤوليات
منع تضارب المصالح
المحاسبة على الأداء
ترسيخ مبادئ النزاهة والاستقلالية
لكن لا يمكن لهذه المنظومة أن تعمل دون مجلس أمناء يمتلك الخبرة والحياد والرؤية فالمجلس هو الذي يضمن أن هذه المبادئ تتحول إلى واقع ملموس، لا إلى شعارات.
لماذا يُعد مجلس الأمناء العمود الفقري للحوكمة؟
لأنه الجهة التي:
1. ترسم السياسات العليا وتحدد الأولويات الاستراتيجية.
2. تحاسب الإدارة الجامعية وتتابع مؤشرات الأداء بشفافية.
3. تضمن الاستخدام الرشيد للموارد وتراقب الالتزامات المالية.
4. تحمي القرار الأكاديمي من أي تدخلات غير مهنية.
5. تعزز الاستدامة عبر رؤية طويلة المدى واستشراف للمخاطر.
باختصار… من دون مجلس أمناء قوي، تتحول الجامعة إلى إدارة تقليدية تدار بردّات الفعل، لا برؤية.
متطلبات المرحلة: مجالس أكثر مهنية وأوسع خبرة
العالم اليوم يتغير بسرعة، والتعليم لم يعد مجرد قاعة ومحاضرة فهناك تحديات جديدة تتطلب نوعاً جديداً من القيادة داخل المجالس، مثل:
التحول الرقمي
التصنيفات الدولية
متطلبات الامتثال والجودة
الضغوط المالية والبحث عن مصادر دخل
إدارة المخاطر والسمعة المؤسسية
وهذه التحديات تحتاج لخبرات متنوعة تشمل الحوكمة، المخاطر، الامتثال، القانون، الاقتصاد، وإدارة المؤسسات.
عضو مجلس الأمناء… قائد لا يمثل نفسه بل يمثل مستقبل الجامعة
العضوية في المجلس ليست وجاهة اجتماعية، بل مسؤولية وطنية وأكاديمية عضو المجلس الفاعل هو الذي يضيف قيمة، يطرح حلولاً، يراقب بحكمة، ويتخذ قرارات جريئة عندما تحتاج الجامعة إلى ذلك.
إن وجود أعضاء يمتلكون خبرات عملية ووعياً بالحوكمة يعزز قوة المجلس، ويرفع قدرة الجامعة على المنافسة والتميز.
إذا أردنا جامعات قوية، فعلينا أن نبدأ من حيث يبدأ القرار من مجلس الأمناء فهو العمود الفقري لحوكمة الجامعات، وحارس مبادئ الشفافية، وصانع الاستراتيجية، والركيزة التي تُبنى عليها جودة التعليم واستدامة المؤسسات الأكاديمية.
الجامعات التي تمتلك مجلس أمناء مهنيّاً وقائداً… تمتلك مستقبلاً أقوى وأقدر وأكثر ثباتاً.