facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




عمرة: توسع حضري موجه بالنمو الاقتصادي وتوازن السوق


د. حمد الكساسبة
30-11-2025 12:15 PM

أطلقت الحكومة مشروع عمرة كمسار تنموي جديد يهدف إلى تخفيف الضغط عن عمّان والزرقاء وفتح مجال عمراني واسع خارج مساحات الازدحام. ورغم أن المشروع يحمل بعدًا إنشائيًا كبيرًا، إلا أن نجاح المدن الحديثة لا يرتبط بحجم البناء فقط، بل بقدرتها على خلق فرص عمل وحركة إنتاج واستثمار مستدامة. فالعمران قد يكتمل في سنوات، بينما بناء اقتصاد نشط يحتاج إلى تكوين تدريجي للطلب وتراكم وظيفي ينعكس على حياة السكان.

وتضم عمرة مرافق تعليمية وثقافية وترفيهية وتجارية ورياضية تمنحها قابلية التشكل كسوق حقيقي إذا توفر تشغيل مبكر يرافق الطرح العمراني. فوجود نشاط تدريبي جامعي وتقني مع حوافز لبدء الأعمال والخدمات في مرحلة مبكرة، من شأنه خلق قاعدة سكانية منتجة تستوعب المعروض السكني دون انتظار طويل. وما يصنع المدينة ليس البناء فقط، بل كثافة الاستخدام التي تشحنها بالاقتصاد والحركة.

ويقع تنفيذ المشروع بإدارة الشركة الأردنية لتطوير المدن والمرافق الحكومية بصفتها جهة تخطيط وتشغيل، ما يمنحه مرونة تنظيمية تتيح إدارة النمو دون أن يسبق العمران قدرة الطلب. وتمثل المرحلة الأولى بمساحة 40 ألف دونم من أصل 500 ألف اختبارًا لمعادلة امتلاء المدينة تدريجيًا. ومع افتراض استيعاب سكاني يتراوح بين 250 و300 ألف نسمة خلال 15 عامًا، فإن معدلات امتلاء بحدود 2–3% سنويًا تعد مؤشرًا قابلًا للتحقق إذا تزامنت مع نشاط اقتصادي متنامٍ ومتوازن.

وتقدم التجارب الإقليمية سياقات مفيدة للمقارنة؛ فمصدر في الإمارات تحرك فيها الطلب تدريجيًا بدعم الاقتصاد المعرفي، بينما ارتفع الطلب في العاصمة الإدارية والعلمين في مصر مع انتقال المؤسسات الحكومية. أما نيوم في السعودية فبدأت بخلق سوق استثماري قبل اكتمال البناء، في حين تعكس أوردوس في الصين آثار التوسع العمراني عندما لا يستند إلى طلب كافٍ. وتبرز لوسيل في قطر ودلمونيا في البحرين كأمثلة لمدن بنت الطلب اعتمادًا على خدمات صحية وترفيهية وتقنية أكثر من اعتمادها على البناء وحده.

وتبرز هنا أهمية إدارة الأراضي وتدرّج طرحها في السوق، بحيث تُطوّر المساحات على مراحل لا دفعة واحدة، وبصيغ متنوعة تشمل البيع، التأجير طويل الأمد أو التطوير بالشراكة مع القطاع الخاص. فالتوسع العمراني السريع دون نشاط اقتصادي موازٍ قد يخلق وفرة إنشائية لا تتناسب مع حجم الطلب، وهو ما أظهرته التجارب التي سجلت فجوات امتلاء بين 20 و35% في مدن توسعت أسرع مما نضجت أسواقها، بينما نجحت المدن التي اعتمدت الطرح المرحلي في الوصول إلى فجوة أقل من 10% مع مرور الوقت.

كما يتطلب نجاح المدينة تنويعًا للمنتج السكني مع تركيز على الشرائح العاملة والمتوسطة وربطه بفرص تشغيل في التكنولوجيا والتعليم والصناعة والخدمات، فيما يشكّل النقل العام الفعال عاملًا رئيسيًا لتوسيع نطاق الطلب وتقليل كلفة الحركة، ما يجعل الانتقال قرارًا عمليًا وليس مخاطرة اجتماعية.

أما التمويل فدوره يبدأ حكوميًا في مرحلة التأسيس، ثم يتجه تدريجيًا إلى نموذج قائم على العائد التشغيلي وتطوير الأراضي وتنمية الاستثمار. وكلما ظهرت مؤشرات استخدام مبكر — خدمات تعمل، تعليم يتحرك، منشآت تستقبل نشاطًا — تقلّصت فجوة التشغيل وتراجع الاعتماد على التمويل العام.

وفي المحصلة فإن نجاح عمرة لا يرتبط بحجم المساحة أو سرعة البناء بقدر ما يتحدد بقدرتها على بناء اقتصاد يسير بالتوازي مع العمران. فإذا تحقق توازن العرض والطلب، وترافق التشغيل مع الاستقرار السكاني الفعلي، واتسعت دوائر العمل والنقل والخدمات، فستنتقل من مشروع إنشاء إلى مركز نمو مستدام — مدينة تُعاش لا مجرد مدينة تُرسم





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :