كلنا نعلم أن جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم عندما أرسى رؤيته الواضحة للإصلاح الشامل والمستقبل الديمقراطي في المملكة الأردنية الهاشمية، من خلال سلسلة الأوراق النقاشية سعياً إلى تحفيز حوار وطني حول مسيرة الإصلاح وعملية التحول الديموقراطي التي يمر بها الأردن، بهدف بناء التوافق، وتعزيز المشاركة الشعبية في صنع القرار، وإدامة الزخم البناء حول عملية الإصلاح، وبعد مرور فترة زمنية نعود ونذكّر (حتى لا ننسى) بأهم النقاط التي تناولتها الأوراق النقاشية السبع لجلالة الملك عبد الله الثاني المعظم، بشكل مركز وواضح لتكون منارة لكل من يسعى ويعمل للوصول بالأردن إلى العلا والمجد، وننتهج بهذا التذكير نهج استذكار النقاط الرئيسية لكل ورقة نقاشية، فجاءت الورقة النقاشية الأولى (2012) متحدثةً عن التحول الديمقراطي في الأردن، والداعية إلى ترسيخ نهج الحكومات البرلمانية، وتعزيز ثقافة المشاركة السياسية لدى المواطنين، وضمان تداول السلطة عبر صناديق الاقتراع، وأهمية قبول الآخر واحترام الاختلاف.

والورقة النقاشية الثانية التي ركّزت على الأدوار المطلوبة لإنجاح التحول من خلال دور المواطن في المساءلة والتقييم الواعي، ومسؤولية الأحزاب في تقديم برامج حقيقية، ودور الإعلام في خطاب مسؤول يعزز الوعي لا التحريض، وترسيخ مفهوم المواطنة الفاعلة، أما الورقة النقاشية الثالثة فقد ركّزت على مبادئ الديمقراطية الأردنية، من خلال فصل السلطات وتوازنها، وسيادة القانون كأساس للدولة المدنية، وضمان الحريات العامة وحرية التعبير، وأهمية التدرّج في الإصلاح المبني على الواقع.

وكذلك الورقة النقاشية الرابعة فقد ركّزت على سيادة القانون من خلال سيادة القانون فوق الجميع دون استثناء، ومحاربة الواسطة والمحسوبية، وبناء ثقة المواطن بالمؤسسات، ونقل الدولة إلى مرحلة الحكم الرشيد القائم على العدالة، والورقة النقاشية الخامسة جاءت متحدثةً عن التماسك المجتمعي ومحاربة التطرف، من خلال مواجهة خطاب الكراهية والتطرف بالفكر والمعرفة، وتعزيز قيم الاعتدال والتسامح، ودور الأسرة والمدرسة والمسجد والإعلام، وحماية الشباب من الفكر المتشدد عبر التمكين والتعليم.

كما جاءت الورقة النقاشية السادسة لتركّز على دولة القانون والإنجاز عبر الانتقال من “الشكوى” إلى ثقافة العمل والإنتاج، ورفع كفاءة الإدارة العامة، وتشجيع القطاع الخاص والشراكات، ومحاربة الفساد وتعزيز الشفافية، والورقة النقاشية السابعة (2017) ركّزت على بناء قدرات الشباب للمستقبل عبر الاستثمار في التعليم الحديث والمهارات الرقمية، وتعزيز الابتكار وريادة الأعمال، وتمكين الشباب من المشاركة السياسية، وتطوير القطاع العام لمواكبة المستقبل.

الخلاصة العامة أن الأوراق النقاشية تركز على بناء دولة قانون، وديمقراطية مستقرة، ومجتمع متماسك، واقتصاد منتج، وشباب مؤهل للمستقبل، فهي تمثل رؤية شاملة لمستقبل يقوم على ترسيخ الديمقراطية، وتعزيز سيادة القانون، وبناء مجتمع متماسك اقتصادياً واجتماعياً، وتمكين الشباب، فالتحول الديمقراطي يكون من خلال تعزيز المشاركة السياسية وتكريس الحكومات البرلمانية، وترسيخ قيم الحوار واحترام الاختلاف وتداول السلطة، والمواطنة الفاعلة تكون من خلال دور المواطن في المساءلة الإيجابية والالتزام بالقانون، ومن خلال بناء أحزاب ذات برامج حقيقية، وإعلام مهني مسؤول، ودولة القانون تأتي من خلال سيادة القانون فوق الجميع ومحاربة الواسطة والمحسوبية، ومن خلال تقوية مؤسسات الرقابة وترسيخ الشفافية، والمجتمع المتماسك يتأتى من خلال حماية المجتمع من التطرف وخطاب الكراهية، ومن خلال تعزيز قيم التسامح والاعتدال والعيش المشترك، والإدارة الفاعلة والاقتصاد المنتج يأتي من خلال تطوير القطاع العام، وتشجيع ثقافة الإنجاز بدل الاتكالية، ومن خلال دعم الشراكة مع القطاع الخاص ومحاربة الفساد، وتمكين الشباب يتأتى من خلال الاستثمار في التعليم الحديث والمهارات الرقمية، ومن خلال دعم الابتكار وريادة الأعمال ومشاركة الشباب في القرار.