facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




المواصفات والمقاييس والشموسة


سعدي قيسية
14-12-2025 02:42 PM

من المفترض أن يشعر المواطن الأردني بالأمان التام عند شرائه أي سلعة من السوق المحلي، أيًّا كانت طبيعتها، على اعتبار أن هذه السلعة قد خضعت للرقابة والفحص وفقًا للمواصفات والمقاييس المعتمدة. فالمواطن حين يضع ما يشتريه في منزله، بين أبنائه وأفراد أسرته، يفعل ذلك وهو مطمئن، واثق بأن هناك جهات رسمية تحميه وتضمن سلامته.

إلا أن ما حدث مع المواطنين الذين اشتروا الصوبة المذكورة شكّل صدمة مؤلمة. فقد أدخلوها إلى بيوتهم، وناموا ليلهم الطويل وهم يشعرون بالأمان، مطمئنين إلى أنها منتج تم تداوله داخل السوق الأردني الخاضع للرقابة. لكن الكارثة وقعت حين نام بعض إخوتنا المواطنين ولم يستيقظوا، رحمهم الله تعالى. لقد وثقوا بأن خلفهم مؤسسات رقابية تسهر على سلامتهم، غير أن قدر الله نفذ، ولا اعتراض على حكمه.

وعندما نمر اليوم في شارع المدينة الطبية، نشاهد مبنى ضخمًا وفخمًا، يتوسط أرقى مناطق العاصمة، وهو مبنى مؤسسة المواصفات والمقاييس. هذا المبنى يضم عشرات الدوائر والأقسام، ويعمل فيه عدد كبير من المهندسين والموظفين والفنيين، برواتب مجزية ومكافآت، وسفريات خارجية، ودورات ومياومات. ومع ذلك، جاءت “صوبة شموسة” لتكشف خللًا كبيرًا وتفضح تقصيرًا لا يمكن تجاهله.

هذه الحادثة أعادت إلى الأذهان تجربة سابقة حين قررت الحكومة تنظيم قطاع السيارات، فأحالت الملف إلى المؤسسة نفسها، رغم أنها لم تكن تمتلك المعرفة الكافية بهذا القطاع. فأصبحت الجهة الحاكمة والآمرة في ما يدخل إلى السوق المحلي من مركبات، لا وفق معايير الجودة الحقيقية، بل وفق مزاجية واضحة. فمن غير المنطقي منع السيارات الكورية المستعملة، المتداولة في السوق الأردني منذ عشرات السنين، بحجة عدم مطابقتها للمواصفات، في حين يُسمح بإدخال آلاف السيارات غير المعروفة أصلًا، والتي فشلت منذ أول اختبار على طرقاتنا.

والأدهى من ذلك أن السماح بدخول هذه السيارات جاء فقط لأن وكلاءها يمتلكون شهادات مطابقة صادرة من المصنع، ويتمتعون بنشاط على مواقع التواصل الاجتماعي، وعلاقات نافذة، واتفاقيات احتكار مع البنوك لتوفير التمويل الكامل. كل ذلك جعل المواطن البسيط يقع ضحية لهذه المنظومة، غير قادر على الخلاص، حتى لو حاول بيع سيارته المرهونة، إذ لا تعوض قيمتها ربع ما دفعه ثمنًا لها.

وهكذا، أصبح حال قطاع السيارات مثالًا صارخًا على فشل جهة رقابية لم تستطع أن تحمي المواطنين حتى من صوبة قاتلة، فكيف لها أن تدير قطاعات تمس حياة الناس وممتلكاتهم بشكل مباشر؟ إن ما حدث يستدعي وقفة جادة ومراجعة حقيقية لدور هذه المؤسسات، قبل أن تتكرر المآسي ويدفع المواطن الثمن مرة أخرى.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :