رحلة الهجن الثانية عشر تحطّ رحالها في محطتها الأخيرة
21-12-2025 12:32 PM
* 21 يوماً داخل الصحراء الإماراتية على دروب الحجاج
* استقبال بالزعفران والبخور لـ 29 مشاركاً من 18 جنسية
* عبد الله حمدان بن دلموك: رحلة الهجن مبادرة وطنية تُجسّد قيم التلاحم والعمل الجماعي
عمون - حطّت رحلة الهجن بنسختها الثانية عشر، رحالها أمس في دبي، بعد أن قطعت مسافة 1050 كم بين الكثبان الرملية لصحراء دولة الإمارات العربية المتحدة لقافلتها التي ضمت 29 مشاركاً من 18 جنسية مختلفة، في الرحلة التي استغرقت 21 يوماً على ظهر المطية وسط الكثبان الرملية، والتي بدأت من منطقة السلع لتعود إلى وجهتها الختامية في القرية التراثية بالقرية العالمية.
وانطلقت الرحلة من منطقة السلع في العاصمة أبو ظبي، وقطع المشاركون عدة محطات أبرزها: السلع، وندّ الشبا، وقرن وكر العقاب، ورقعة روضة، ورملة ساحب عظيبة، والهرِه، ورملة بن مريود، والعبدلية، وجنوبي يو بلق، وجنوبي بطين ليوا، وغربي محمية المها العربي، وسبخة الدعيسية، ومحمية المها العربي، وسيح الحايرة، وجنوبي الخزنة بدع عامر، ونقا حمدان، والعجبان رملة مدران، وسيح السلم، وصولًا إلى القرية التراثية في القرية العالمية بدبي.
وفي هذا السياق، أكد سعادة عبد الله حمدان بن دلموك، الرئيس التنفيذي لمركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، أن جوهر رحلة الهجن يتجلّى في ما تحمله من معانٍ راسخة قائمة على الالتزام وروح التعاون والصبر، وهي قيم برزت بوضوح خلال اجتياز القافلة للعديد من التحديات التي فرضتها وعورة بعض المسارات الصحراوية، إلى جانب الظروف الجوية والمناخية التي رافقت الرحلة، ما استدعى في مراحل عدة زيادة ساعات الترحال اليومية للحفاظ على خط سير الرحلة وفق المخطط المعتمد.
وقال بن دلموك: تُعد هذه الرحلة مصدر فخر كبير لنا، فهي واحدة من الرسائل الأساسية التي ننقل من خلالها رؤيتنا في حفظ وصون تراث الوطن منذ تأسيس المركز. وتحمل في تفاصيلها قيمًا إماراتية أصيلة، في مقدمتها التعايش والمحبة، وهي قيم نحرص على ترسيخها من خلال تجربة واقعية تُعاش على أرض الصحراء.
وعن مسارات الرحلة، أوضح سعادته أن الوصول إلى المحطات المحددة كان يتم في كثير من الأحيان بعد حلول الظلام، مشيرًا إلى أن تلك الدروب لا تختصر معنى الانتقال الجغرافي فحسب، بل تمثّل سردية حيّة لعلاقة الإنسان بالمكان والزمان، حيث شكّلت عبر التاريخ معالم نابضة بالحياة في وجدان أهلنا الأولين، وسجلًا مفتوحًا لذاكرة الصحراء.
وفي حديثه عن القيم التي تغرسها حياة الترحال في نفوس المشاركين، أشار سعادته إلى أن الرحلة شكّلت كذلك منصة حقيقية لنقل الموروث الإماراتي إلى المشاركين من مختلف الجنسيات، من خلال معايشتهم اليومية لتفاصيل الحياة الصحراوية وقيمها، مؤكدًا أن هذه التجربة الميدانية أسهمت في تعريفهم بعادات المجتمع الإماراتي وتقاليده، وعزّزت لديهم فهمًا أعمق لمعاني التعايش والتعاون، بما يجعل رحلة الهجن جسرًا ثقافيًا حيًا يربط بين الشعوب، ويعكس صورة دولة الإمارات كموطن للتسامح والانفتاح.
وأضاف الرئيس التنفيذي لمركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، أن رحلة الهجن شكّلت مدرسة حيّة للتعرّف عن قرب على الهجن باعتبارها أحد أهم رموز التراث الوطني في دولة الإمارات، موضحًا أن هذه التجربة كشفت للمشاركين قيمتها المعنوية والمادية لدى أهلنا الأولين، ودورها المحوري في حياتهم اليومية، سواء في التنقّل أو الترحال أو تحمّل مشاق الصحراء، مؤكدًا أن إدراك هذه المكانة يسهم في تعميق الارتباط بالتراث، ويمنح الجيل الحالي وعيًا أصدق بجذوره.
ختام يليق بالمسيرة
وحطّت القافلة رحالها في القرية التراثية بالقرية العالمية، التي تزيّنت بالورود، وفاحت بأريج البخور والزعفران، فيما صدحت الفرقة الحربية بالأهازيج الشعبية، وسط حضور جماهيري غفير جاء لاستقبال المشاركين بعد أن قطعوا قرابة 1050 كيلومترًا على ظهور الهجن.
وشهدت مراسم الختام تكريم المشاركين ومنحهم شهادات تقدير، في أجواء احتفالية تراثية جسّدت روح الرحلة وقيمها.
وعاشت القرية التراثية لحظات مؤثرة لا تُنسى، مع حضور أهالي وعائلات وأصدقاء المشاركين، الذين رافقوا الرحلة معنويًا طوال أيامها، في تجربة إنسانية اختلطت فيها مشاعر الفخر والإنجاز بعد أيام طويلة بين كثبان الصحراء.
وبهذا الخصوص، قال المشارك الهولندي مورغان فان برينك إنه قرر خوض هذه التجربة الفريدة لما تحمله من عمق إنساني، مشيرًا إلى أن الرحلة كانت في بدايتها صعبة، لكنها علّمته معنى الصبر وبناء علاقة قائمة على الثقة مع الهجن، مضيفًا أن الوجود في قلب الصحراء كان أشبه باكتشاف عالم جديد مع كل خطوة.
من جانبه، اعتبر سلطان علي الرزي من دولة الإمارات العربية المتحدة أن رحلة الهجن منحته سلامًا داخليًا وتجربة لا تُقاس بالمسافات، مؤكدًا أن العيش على إيقاع الصحراء أعاد إليه معاني البساطة والاتزان، وعمّق ارتباطه بتراث الأجداد وقيمهم الأصيلة.