facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




هل يتعرض الذكاء الاصطناعي للمسؤولية الجزائية؟


أ. د. كامل السعيد
23-12-2025 10:52 AM

في المؤتمر العلمي الذي أقامته جامعة عمان العربية في فندق ريجنسي يومي 20 و 21 من الشهر الحالي، كان لي ورقة عمل بيّنت فيها ما يلي:

أولاً، للإجابة على هذا السؤال أشرت إلى انه وإن تعددت تعريفات الذكاء الاصطناعي شكلاً، إلا أنها اتفقت موضوعا، مما يصح أن يعرف النظام الأصطناعي على أنه لا يعدو أكثر من كونه نظاماً تقنياً متنام يهدف إلى جعل الأنظمة والأدوات والالات قادرة على محاكاة الذهن البشري في التعلم والتصرف والتفكير والتحليل وحل المشكلان واتخاذ القرارات.

والذكاء الاصطناعي نظام مصطنع من صنع البشر في حين أن الذكاء البشري ليس مصطنعاً وإنما هو من خلقَ من خلق البشر جلت قدرته.

وللإجابة على ما إذا كان من الممكن مساءلة الذكاء الاصطناعي جزائيا ام لا , أشير إلى أن المسؤولية الجزائية تقوم في قانون العقوبات على عنصرين، هما: الوعي والإرادة، تطبيقا للمادة (74/1) من القانون في قولها: "لا يحكم على أحد بعقوبة مالم يكن قد أقدم على الفعل عن وعي وإرادة" أي أنه يجب أن يكون الشخص قادرا على إدراك كنه أفعاله، أي قادراً على فهم طبيعة أفعاله وسببها وجوهرها ومعرفة دوافعه الحقيقية بالإضافة إلى وعيه بتأثير تلك الأفعال على الآخرين، وهذا يعني قدرته على التمييز بين الصواب والخطأ والتفكير بعمق قبل القيام بأي فعل، منتهيا للقول بأن الوعي والإدراك والتمييز تعبيرات متعددة لمعنى واحد.

فالوعي أو الإدراك يُمكّن المرء من الإحاطة بما يجري داخل نفسه، وهذا يعني أن الوعي هو وعي ذاتيّ. فالوعي الذاتي يُمكّن مرتكب الفعل من العلم بأن فعله يشكل جريمة في قانون العقوبات، يُمكّن مرتكب القتل من العلم بأن فعله يؤدي إلى إزهاق روح المجنى عليه، وهذا يشكل جريمة قتل تطبيقا للمادة (326) من قانون العقوبات.

فالوعي الذاتي يُمكّن مرتكب السرقة من العلم بأن فعله يؤدي إلى أخذ الأموال المنقولة المملوكة للمجني عليه بدون رضاه، وهذا يشكل جريمة سرقة في قانون العقوبات تطبيقا للمادة (399) من قانون العقوبات.

فالوعي الذاتي يُمكّن مرتكب الاحتيال من العلم بأن فعله يؤدي إلى الاستيلاء على مال من وقع عليه الفعل بطرق احتيالية، وهذا يشكل جريمة الاحتيال تطبيقا للمادة (417) من قانون العقوبات.

حان الوقت لكي نتساءل، فيما إذا كان يتوافر لدى الذكاء الاصطناعي الوعي الذاتي الذي لا يعدو أكثر من كونه آلة، فهل تعي الآلة أو تدرك عندما تقوم بعمل ما أنها تقوم بهذا العمل؟؟ وهل تعلم أو تدرك عندما تكون السبب في القتل أو الجرح أو الإيذاء أو أي فعل جرمي آخر، أنها السبب في ذلك!؟، فالآلة الحاسبة تقوم بمهمتها بذكاء، وتعتبر أداة ذكية جدا لكنها ليست واعية أو مدركة لما تقوم به، أي ليس هناك وعي داخلي ينبهها أو يخبرها بأنها تقوم بما تقوم به، ورغم أن الآلة تستطيع حل المعادلات الرياضية بطريقة ذكية، إلا أنها لا تعي ولا تدرك أنها تحل المعادلات الرياضية، لعدم وجود وعي لديها ينبهها بما تقوم به، فلا يتوفر لديها الوعي الذاتي المتوفر عند الإنسان، والذي لا يتوافر لا للمكننة ولا للحيونة ولا للجمددة.

ولا يتوافر تبعاً لذلك للذكاء الاصطناعي وعي إذ لا يعدو أكثر من كونه آلة ليس لها عقل ووعي، اللهم إلا إذا قبلنا وجود وعي لها مختلف عن الوعي المنوه عنه أعلاه، وعيٌ له علامات لا يعرفه أو يدركه أحد، له علامات وإشارات لا يعرفها أحد، ولا يمكن افتراض ذلك الوعي بالإسقاط، فحينها يجب افتراض الوعي في كل شيء بما في ذلك الجمادات والحيوانات، وحينها أو عندها لا يكون الذكاء الاصطناعي استثناءً.

خلاصة ما تقدم، أن الذكاء الاصطناعي قد افتقد أحد أهم عناصر المسؤولية الجزائية، وهو عنصر الوعي الذاتي، الأمر الذي لا يصح معه أن يقال بأن المسؤولية الجزائية يمكن أن تنهض قبل الذكاء الاصطناعي ,اي لا يمكن ان يكون الذكاء الاصطناعي مسؤول جزائيا عن ما ينسب اليه من افعال جرمية.

ملاحظة: نكمل الحديث عن العنصر الثاني من عناصر المسؤولية الجزائية وهو عنصر الإرادة، وفيما إذا كانت تتوافر لدى الذكاء الاصطناعي أم لا!؟





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :