facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الحصول على مياه الشرب كحق من حقوق الإنسان


محمد نور الدباس
27-12-2025 01:12 PM

في عالمٍ تتسارع فيه الأزمات المناخية وتتزايد الضغوط السكانية، يبرز الحق في الحصول على مياه الشرب كواحد من أهم الحقوق الإنسانية وأكثرها إلحاحًا، فالماء ليس مجرد مورد طبيعي، بل هو الشرط الأول للبقاء، والمحرك الأساسي للصحة والتنمية والكرامة الإنسانية، ومع ذلك، لا يزال ملايين البشر حول العالم محرومين من هذا الحق البسيط، الذي يفترض أن يكون متاحًا للجميع دون تمييز.

منذ اعتراف الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2010 بالمياه كحق من حقوق الإنسان، تحولت هذه القضية من مطلب تنموي إلى التزام قانوني وأخلاقي على عاتق الحكومات، لكن هذا الاعتراف لم يترجم بالكامل إلى واقع ملموس، إذ تكشف التقارير الدولية أن ربع سكان العالم ما زالوا يفتقرون إلى مياه شرب مأمونة، وأن أكثر من ثلاثة مليارات شخص يواجهون دورياً نقصًا أو انقطاعًا في المياه.

وتتداخل عدة عوامل في تعميق أزمة المياه، أبرزها التغير المناخي الذي أدى إلى تقلّب غير مسبوق في أنماط الهطول، بالإضافة إلى النمو السكاني السريع الذي يضغط على البنية التحتية المائية، فضلاً عن سوء الإدارة والتلوث الذي يهدّد مصادر المياه السطحية والجوفية على حدّ سواء، وفي بعض المناطق، تضيف النزاعات المسلحة بعدًا مأساويًا آخر، حيث تستهدف البنية التحتية للمياه أو تتعرض للتدمير، تاركة السكان في مواجهة عطشٍ يهدد حياتهم يوميًا.

وفي خضم هذه التحديات، تبرز الحاجة إلى سياسات أكثر واقعية واستدامة، تتضمن حماية المصادر الطبيعية، وتطوير شبكات المياه، والحد من الفاقد، وضمان الشفافية في إدارة هذا القطاع الحيوي، كما يبرز دور الإعلام في إلقاء الضوء على الانتهاكات والحرمان المائي، ودفع صناع القرار نحو إصلاحات جذرية.

ومن حيث محور الصكوك الدولية ذات الصلة؛ فالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (1966) لم يذكر المياه صراحةً، لكنه تضمّن الحق في مستوى معيشي لائق والصحة، وقد فسّرته اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لاحقًا باعتبار الماء عنصرًا أساسيًا لهذه الحقوق (التعليق العام رقم 15 لعام 2002)، واتفاقية حقوق الطفل (1989) التي تلزم الدول بتوفير مياه شرب نظيفة لمنع الأمراض، وكذلك اتفاقية القضاء على التمييز ضد المرأة (سيداو) التي تلزم الدول بضمان وصول النساء للمياه خاصة في المناطق الريفية.

وضمن إطار التزامات الدول، فتصنف التزامات الدول تجاه الحق في المياه إلى ثلاثة مستويات؛ المستوى الأول الالتزام بالاحترام بعدم قطع المياه بشكل تعسفي، والمستوى الثاني الالتزام بالحماية، بمنع الجهات الخاصة من احتكار مصادر المياه، وتقديم خدمات رديئة، وفرض أسعار مبالغ فيها، والمستوى الثالث الالتزام بالإعمال، باتخاذ إجراءات فعلية لتوفير المياه من خلال تطوير البنية التحتية، ومعالجة التلوث، وضمان الإدارة المستدامة للموارد المائية، ووضع خطط طوارئ في حالات الجفاف.

وضمن إطار التحديات العالمية في تنفيذ الحق في المياه، فيمكننا ذكر أبرز التحديات؛ مثل ندرة المياه وتغير المناخ، والتوسع العمراني دون تطوير شبكات المياه، وتلوث مصادر المياه، والنزاعات والحروب التي تدمر البنية التحتية، والفقر وضعف الحوكمة.

وعليه فإن الحق في المياه ليس شعاراً أممياً، بل هو قضية وجودية تمس كل إنسان، في عالم يشهد تناقصاً مستمراً في الموارد الأساسية، بحيث أصبح ضمان هذا الحق اختباراً حقيقياً لمدى احترام الدول لحقوق الإنسان، فالماء، ببساطة، ليس خيارًا… بل هو الحياة نفسها، فهو ليس رفاهية، بل حق إنساني أصيل وشرط أساسي للتمتع بالكرامة الإنسانية، ويُعد ضمانةً ومعياراً مهماً لقياس احترام الدول لحقوق الإنسان والتنمية المستدامة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :