دولة باشان التي تهدد الأردن .. مسخرة متناهية لا حدود لها
نضال العضايلة
27-12-2025 07:07 PM
مصطلح “جبل باشان” هو اسم عبري لجبل العرب، ومعناه “أرض مستوية أو ممهدة”، وهي مقاطعة في “أرض كنعان” (حضارة قامت بين 3000 قبل الميلاد إلى 1200 قبل الميلاد)، واقعة شرقي الأردن بين جبلي حرمون (جبل الشيخ السوري) و”جلعاد” (اسم قديم لجبال عجلون في شمال غرب الأردن).
ومع إصدار حكمت الهجري، الرئيس الروحي للموحدين الدروز في السويداء، بياناً اعلن فيه عن قيام دولة في جبل العرب سماها دولة "جبل باشان" مستخدمًا المسمى التوراتي بدلاً من منطقة جبل العرب في جنوبي سوريا، في الوقت الذي أطلق فيه جيش الاحتلال الإسرائيلي على عمليته العسكرية الواسعة في سوريا تسمية "سهم باشان"، تكون الصورة قد وضحت بشكل لا يدع مجالاً للشك ان هذا الرجل قد خضع واخضع جبل العرب لدولة الإحتلال.
دولة باشان هذه ليست مجرد صفحة في كتاب آثار، بل تحذير من أن أحلام التوسع الخارجي تتحطم دوماً على صخرة الجغرافيا البشرية للأرض المستهدفة فعلى “إسرائيل”، أن تعي بأنه رغم آلة حربها الحديثة، تكرر خطأ باشان باستهدافها وحدة سوريا وشعبها.
الهجري هذا معروف بشكل مباشر بالانحياز أو "العمالة" لإسرائيل، وقد ظهر ذلك من خلال الاسم الذي اكتسب حضورًا عسكريًّا إسرائيليًّا حديثًا، كما ان اعلان دولة باشان يحمل إيحاءات سياسية غير بريئة، خاصة في ظل التداخل الواضح بين الخطاب التوراتي الإسرائيلي والتطورات الميدانية الأخيرة في الجنوب السوري، وأنها محاولة جديدة لاستمالة حكومة نتنياهو ومساندته في مطالبه الانفصالية، بالضبط هذا ما يريده النتن ولكن ليس بهذه السرعة او هذه الطريقة.
لم يعد خافيا على أحد أن سلوكيات قادة العدو وعلى رأسهم نتنياهو ومساعديه وزراء اليمين المتطرف تستلهم نصوص التوراة والتلمود بما يخدم الطبيعة العدوانية التوسعية لقيام إسرائيل الكبرى المشروع الاستراتيجي للمؤسسة الصهيونية التي لا ترى ظرفا موضوعيا مؤاتيا كالذي تمر به المنطقة يتيح بلورة هذا المطمح التاريخي العقائدي دون عوائق تذكر بعد المتغيرات التي شهدها الاقليم.
ان انسياق الهجري خلف وهم الدولة المنزوعة من الأراضي السورية طوعا او اكراها كأمر واقع هو بعينه الذي سيضعه في مأزق تاريخي وجودي كبير.
ولا يقف المشروع عند هذا الحد بل يتمدد من باشان إلى كردستان وضمنا جبل الشيخ مرورا بسهل حوران والسويداء بالتقاطع مع قاعدة التنف على الحدود العراقية وينساب سهم باشان إلى منطقة نفوذ قسد ليكتمل زنار الأحزمة حول الكيان العبري من الناقورة إلى كردستان والذي يعرف بممر داود.
اصرار النتنياهو على العبث بالجغرافيا السورية بصرف النظر اذا نجحت مشاريع الانفصال ام لم تنجح يعكس صراعا خفيا وظاهرا مع الأتراك الداعمين للحكومة الجديدة في دمشق فالاتراك يرفضون قيام الدويلة الكردية المدعومة من الولايات المتحدة وتفاقم الاشكالات والتجاوزات سيدفع ١٥ مليون علوي في تركيا لمؤازرة علويي الساحل السوري ما يهدد تلقائيا وحدة تركيا.
إلى هنا يأتي دور الأردن، فما الذي فعله الأردن حتى اجبر الفئران تخرج من جحورها، ولماذا فعل ما فعل؟، الإجابة على ذلك هي ان ما بدا الأمر للوهلة الأولى عملية عسكرية بحتة تستهدف أوكار المخدرات، فإنه في عمقه كان تحركاً سياسياً وأمنياً مزدوجاً وجهت عمان من خلاله رسائل قاسية وغير قابلة للتأويل إلى "سلطات الأمر الواقع" في السويداء، قاطعة الطريق على مشاريع سياسية كادت تتحول إلى خطر على الأمن القومي الأردني.
الأردن أراد من خلال هذه الضربات العسكرية تحقيق هدفين مهمين الأول تحييد مشاريع الانفصال قرب الحدود قبل أن تتحول إلى أمر واقع، والثاني القضاء على تهريب المخدرات والسلاح.
العملية الأولى لسلاح الجو الأردني، لم تكن الأولى ففي أيار 2025 تم تنفيذ عملية جوية في المنطقة نفسها، وفي 2024 نفذ عملية جوية استطاع من خلالها الوصول إلى أحد اهدافه.
ويبقى ان نعرف ان اي تدخل عسكري أردني في الأراضي السورية يتم من خلال اتفاق اللجنة الخماسية التي عقدت لدول جوار سوريا عام 2024 في عمان، والتي خرجت بمخرجات رئيسة أبرزها غرفة العمليات المشتركة الأردنية السورية العراقية التركية التي أتاحت له التدخل في حال وجود أي خطر قرب حدوده.