تحرصُ الأوطانُ على تكريم كتّابها ومبدعيها، وتعملُ على توفير سبل الحياة الكريمة لهم، لأنّ كتّاب الوطن هم صنّاع الوعي، وأدوات التأثير المجتمعي مهما توحّشت الحياة المدنية الحديثة بتسارع تكنولوجيتها، ومهما ظهر ما يُسمّى بالمؤثرين، لأنّ صناعة المحتوى لا تقتصرُ على فيديوهات شعبوية لغايات الدعاية وجلب الأموال الشخصية، ولأنّ الزبدُ يذهب جُفاءً وأمّا ما ينفعُ النّاس فيمكث في الأرض، ولأنّ الكاتب الحق يكتب مدفوعًا بضميره، انتماءً لوطنه، دون انتظارٍ لجزاء او مردود مالي.

يقع على عاتق الدولة والأمر كذلك، أن تنظر بعين الرعاية إلى الكتّاب، وأن توفّر لهم مقوّمات الحياة البسيطة، باعتبارهم مواطنين أولًا، وثروةً إبداعية وطنية ثانيًا، ولحاجتها لهم كلّما طاف بالوطن طائف.

من التكريمات البسيطة التي تستطيعُ الدولة توفيرها للكتّاب هو التامين الصحي، وإذا نظرنا إلى رابطة الكتّاب الأردنيين فإنّنا نجدُ أنّ الدولة ممثلة برئيس الوزراء قد منحت رابطة الكتّاب الأردنيين تأمينًا صحيًا حكوميًا (درجة ثالثة) بموجب الكتاب الصادر عن رئيس الوزراء رقم 45240/11/76 تاريخ 14/2/2007.

صحيح أنّ هذا التأمين درجة ثالثة، وصحيح أنّ عدد المستفيدين من هذا التأمين (تأمين رابطة الكتّاب الأردنيين) لا يتجاوز الثلاثين كاتبًا، وصحيح أنّ المؤمن يدفع مبلغ (120) دينارًا سنويًا لتجديد هذا التأمين، وصحيح أنّ الكاتب إذا أراد رفع درجة التأمين إلى الأولى في حال الدخول إلى المستشفى يقوم بدفع فرق الدرجتين (الثانية والأولى)، إلّا أنّ العجيب أنّ هذا التأمين محصور فقط بمستشفيات وزارة الصحة، ولا يستطيع المؤمن الاستفادة من تأمين المستشفيات الجامعية بالمطلق، لا بتحويل ولا من دون تحويل من مستشفيات وزارة الصحة، والأعجب أنّ تأمين الأسر الفقيرة (وعددهم بمئات الآلاف) يستطيعون الاستفادة من خدمات المستشفيات الجامعية بكتاب تحويل من مستشفيات وزارة الصحة، والكتّاب لا يستطيعون، مع أنّ عددهم لا يتجاوز الثلاثين كاتبًا، فهل ضاقت الدولة ووزارة الصحة بهم !!.

عندما راجعتُ بعض ذوي العلاقة قالوا بأنّ الكتّاب مشمولين بالتأمين الصحي المدني على المادة (31) من نظام التأمين الصحي، وبمراجعة المادة (31) من نظام التأمين الصحي وجدت أنّها تتحدث عن تأمين (الشركات والمؤسسات وبصورة إلزامية لجميع أفراد الشركات والمؤسسات الراغبة بالتأمين الصحي المدني) أي أنّ رابطة الكتّاب الأردنيين غير مشمولة بهذه المادة لأنها ليست شركة ولا مؤسسة تجارية، ومنتسبوها ليسوا ملزمين جميعًا بالاستفادة من هذا التأمين.

المأمول من معالي وزير الصحة ومن خلال مجلس الوزراء الموقر، معاملة المستفيدين من تأمين رابطة الكتّاب الأردنيين معاملة الموظفين الحكوميين لجهة الاستفادة من خدمات المستشفيات الجامعية، مع استعداد المستفيدين لدفع نسبة التحمل البالغة (20%)، فليس من المستساغ أن تضيق الدولة بثلاثين كاتبًا مؤمنًا، وأن يكون تأمين رابطة الكتّاب الأردنيين أقل حتى من تأمين الأسر الفقيرة التي يتجاوز عدد المستفيدين منه مئات الآلاف.

وللحديث بقيّة.

* رئيس رابطة الكتّاب الأردنيين السابق