لا يُقاس أثر الأوطان فقط بما يلمع على السطح، بل بما يُزرع في العمق بصمتٍ ونُبل، فالجندي المجهول ليس اسمًا بلا ملامح بل قيمه متجذّره في وجدان الأردنيين، فهوالذي يعمل بلا ضجيج ويبني بلا انتظار تصفيق في العديد من الميادين كالجيش، والتنمية، والتعليم، والرياضة، حيث يقف جنودٌ لا تُكتب أسماؤهم على الشاشات لكن بصماتهم تظل محفورة في حاضر لمستقبل حتى تاريخ الوطن لانها تصنع التحولات الكبرى وتؤسس للإنجازات التي تتحدث عن نفسها لاحقًا.

ومن ملاعب كرة القدم الأردنية، خرج الجنديان المجهولان الذين غيّروا وجه اللعبة بدون ادّعاء البطولة، فلم يكن المدرب المصري الراحل محمود الجوهري مجرّد مدرّب عابر في سجل الكرة الأردنية، بل مهندس مرحله قاد فيها المنتخب لنهائيات كأس آسيا 2004 بجانبه رجلٌ حمل الحلم نفسه الأمير علي بن الحسين الذي لم ينظر إلى كرة القدم كهوايةٍ نبيله بل كراية وطن، مُحدثًا النقله النوعيه في بنية كرة القدم الأردنيه، لايمانه بأن المنتخب القوي لا يُصنع فقط من 11 لاعبًا في الملعب بل من منظومه متكامله تبدأ من القواعد الشعبية وتمتد إلى التخطيط المؤسسي، فوضع مع الجوهري أسسًا استراتيجية لتطوير كرة القدم الأردنيه عبر رؤية شاملة استهدفت بناء البنيه التحتيه وتأهيل جيلٍ من اللاعبين من مختلف محافظات المملكة، مانحًا الفرصه للمواهب القادمه من المحافظات برسالةٍ كرويه وطنيه مفادها بأن النشامى يولدون من كل شبرٍ من الأردن.

حيث نجح الأمير علي بن الحسين والجوهري بوضع خارطة طريق لكرة القدم الاردنيه وعملا معًا على تحويل الحلم إلى خطة عمل، فأصبحت كرة القدم مساحةً للوحده الوطنيه، ومختبرًا للانضباط والطموح الأردني.

فعند الحديث عن النقلة التاريخية النوعية لكرة القدم الاردنيه يبرز السطرالملكي الذي منح رؤية الامير علي بن الحسين الزخم الأكبر فقد كان جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين السند الداعم لطموح الأمير علي، مؤمنًا بأن الرياضه الأردنيه تستحق مكانها بين الكبار، وفي اقتباسٍ يُجسّد ذاك الإيمان، قال جلالته» الأمير علي يحمل رؤية صادقة لكرة القدم الأردنية، وأنا أؤمن بأن ما يزرعه اليوم سيجني ثماره شباب الأردن في المستقبل، دعمنا له ليس واجبًا ملكيًا فحسب، بل ثقةٌ بقدرة الأردنيين على صنع إنجازاتٍ تليق باسم النشامى» فهذا الدعم الملكي لم يكن بروتوكوليًا بل إسنادًا حقيقيًا لحلمٍ تحوّل إلى واقع بفضل الجهود المتكامله، فلم يعد منتخب النشامى ضيفًا على البطولات بل أصبح رقمًا صعبًا وواحدًا من أهم المنتخبات.

وقد يخلّد التاريخ أسماءً كثيره، لكن في مسيرة الكرة الأردنيه ثمّة مرحلةٌ صُنعت بروح رجلين عملا بإخلاصٍ، الجندي المجهول محمود الجوهري الذي ترجم رؤية شريكه الجندي المجهول الامير علي بن الحسين الذي تحمل ثقل الرايه، فواضعا جحر الاساس، واستطاع علي بن الحسين أن يحّول حلمه إلى حقيقة وطن بإيمان ملكي راسخ رعاه جلالة الملك عبدالله الثاني بثقة القائد بأميره.

واستطاع الجنديان المجهولان أن يصنعا من منتخب النشامى فريقٍ ينافس وتشكيل نبض شعبٍ يرى في النشامى امتداد لروحه، بروح الجندي الأردني الذي لا يُقهر ولا يُهزم، فكل عام ووطننا بخير، ورحم الله الجوهري واطال بعمر ملكنا والامير علي وأعز وطننا.

حمى الله أمتنا - حمى الله الأردن