المادة 23 من قانون هيئة مكافحة الفساد سيئة السمعة والصيت بشكلها الذي قدمته الحكومة الى مجلس الامة ابتداءا وانتهاءا ، هل قرأها مستشارو الحكومة القانونيون والسياسيون والاعلاميون ممن لا تحصى اعدادهم ومكافآتهم ورواتبهم ، وهل يمكن ان يتوقع عاقل ان نصا استبداديا يمكن ان يمر في مثل هذا الوقت العصيب، وفي ثنايا هذا القانون الذي يتحدث عن مكافحة الفساد وليس مكافحة من يتحدث عن الفساد .
هذه المادة كان ينقصها جملة مكونة من اربع كلمات لتجعل من هذه المادة تمر( مثل كعك العيد) كما يقولون، وهي ان يضاف لها عبارة ( بقصد اغتيال شخصيته ) بعد عبارة احد الاشخاص .
لو كانت هذه العبارة قد اضيفت الى النص مع اجراء جراحة تجميلية للعقوبة المغلظة التي بالغت الحكومة فيها، لوجدت كثير من المدافعين ، فالمادة بهذه الصورة تستهدف فئة محددة من سيئي النية الذين لا هم لهم الا الاساءة للاشخاص بوجه غير حق.
فعند اضافة هذا الشرط يتم تقييد انطباق هذه المادة بالقصد الخاص ، وهو اثبات ان من يتهم بارتكاب هذه الجريمة انما كان يقصد الحاق الاذى بسمعة المعتدى عليه ولم يكن يهدف الى المصلحة العامة وكشف الحقيقة ،وبمقتضى هذا النص ايضا فان الاصل بالانسان البراءة وحسن النية، وهو ليس مطالب باثبات حسن نيته او براءته، الا اذا ثبت انه سيء النية، وعبء اثبات هذا القصد الخاص يقع على عاتق النيابة العامة او المشتكي ، واذا اراد المشرع الاردني ان يكون اكثر عدالة وانصافا فقد كان عليه ان يقررالتعويض العادل لمن يثبت براءته مما اتهم به .
لقد حاولت المبدعة الدكتورة رلى الحروب في احد برامجها الحوارية على قناة جوسات تقديم هذه الوصفة للحكومة ولو تلميحا الا انها لم تجد آذانا صاغية ، وانما قابلها اصوات صاخبة .
لا نبالغ حين نقول ان الحكومات الاردنية المتعاقبة تحصد عاقبة قراراتها غير الموزونة ، عندما كانت تضحي بكفاءاتها لتجد نفسها مثقلة باعداد من المستشارين غير المؤهلين، الذين حصلوا على مراكزهم بالواسطة والمحسوبية ،ممن يرون في الوظيفة العامة فشخرة واستجلاب منافع ،اما الجد والسهر على البحث العلمي واستنباط الحلول لما يقيل عثرات حكومة عاثرة عقدت عليهم آمالها ،ورئيس عانده الحظ فآخر ما يتم التفكير فيه .